﴿بل لله الأمرُ جميعاً﴾ ؛ ليس لي منه شيء، فهو القادر على الإتيان بما اقترحتموه من الآيات، إلا أن الإرادة لم تتعلق بذلك ؛ لأنه علم أنه لا ينجع فيكم شيء من ذلك ؛ لفرط عنادكم، فإذا رأيتموها قلتم :﴿إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ﴾ [الحجر : ١٥]، وبيَّن ذلك قوله :﴿أفلم ييأس الذين آمنوا﴾ من إيمانهم مع رأوا من أحولهم، وفرط عنادهم، علماً منهم ﴿أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً﴾، أو :﴿أفلم ييأس﴾ أي : يعلم ﴿الذين آمنوا﴾ أن الهداية بيد الله، ومشيئته، فلو شاء لهدى الناس جميعاً، وكون " ييأس " بمعنى " علم " : لغة هوازن ؛ فقد علموا بما أعلمهم أن الله لا يهدي من يضل. وقد قرأ علي وابن عباس وجماعة :" أفلم يتبين الذين آمنوا "، وهو يقوي تفسير ييأس بيعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤١
قال البيضاوي : وإنما استعمل اليأس بمعنى العلم، لأنه مُسَبِّبٌ عن العلم، فإن
٣٤١
الميئوس منه لا يكون إلا معلوماً. ولذلك علّقه بقوله :﴿أن لو يشاء اللهُ لهدى الناس جميعاً﴾ ؛ فإن معناه نفي هدى بعض الناس ؛ لعدم تعلق المشيئة باهتدائهم، وهو ـ على الأول ـ يتعلق بمحذوف تقديره : أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمانهم ؛ علماً منهم أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً. أو : بآمنوا، على حذف الجار، أي : بأن الله... الخ. هـ.