يقول الحق جل جلاله : في تسلية رسوله ﷺ :﴿لقد استُهزئ برسلٍ من قبلك﴾ فأوذوا وأهِينُوا، ﴿فأمْلَيتُ للذين كفروا﴾ : أمهلتهم في دعة ورغد عيش، مدة من الزمان،
٣٤٢
﴿ثم أخذتهم﴾ بالهلاك والاستئصال، ﴿فكيف كان عقاب﴾ ؟ أي : عقابي إياهم، وهو تهويل لما نزل بهم، وتخويف لغيرهم من المستهزئين بالرسول ﷺ والمقترحين عليه الآيات.
الإشارة : الاستهزاء بأهل الخصوصية في بدايتهم سنة ماضية، ويتسلون بمن سلف من خصوص الأنبياء والأولياء. وما هدد به الكفار يهدد به أهل الإنكار. بالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٢
قلت :(أفمن) مع صلته : مبتدأ، والخبر محذوف، أي : أفمن هو رقيب على كل شيء أحق أن يعبد أم غيره. أو كمن ليس كذلك ؟ !.
يقول الحق جل جلاله :﴿أفَمَنْ هو قائمٌ على كل نَفْس﴾ ؛ أي : حفيظ رقيب على عمل كل نفس ﴿بما كسبتْ﴾ من خير أو شر، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، ولا يفوت عنده شيء من جزائهم أحق أن يُعبد أم غيره ؟ أو كمن ليس كذلك ممن هو جماد لا يسمع، ولا يعقل!!. ﴿وجعلوا لله شركاءَ﴾ بعد هذا البيان التام، ﴿قل﴾ لهم :﴿سَمُّوهُم﴾ أي : اذكروا أسماءهم، فلا تجدون إلا أسماء إناث ؛ كاللات والعزى ومناة، أو أسماء أحجار وخشب ؛ فبأي وجه تستحق أن تعبد، وتشرك مع الله في ألوهيته ؟.
﴿أم تُنبِئُونه بما لا يعلمُ في الأرضِ﴾ ؛ بل أتخبرونه بما لا يعلم وجوده في الأرض، وهذا تهكم بهم، كأنهم علموا استحقاق الأصنام العبادة، ولم يعلمها الحق تعالى، وهو محال. والمعنى : أن الله لا يعلم لنفسه شركاء وإذا لم يعلمهم فليسوا بشيء، فكيف تفترون الكذب في عبادتهم ؟ ﴿أم﴾ تسمونهم شركاء، ﴿بظاهرٍ من القولِ﴾، من غير حقيقة واعتبار معنى، كتسمية الخبث مسكاً، والبول عطراً.


الصفحة التالية
Icon