وقال الغزالي في الإحياء، في الترغيب في النكاح : قال تعالى في وصف الرسل ومَدْحِهِم :﴿ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذُرية﴾، فذكر ذلك في معرض الامتنان وإظهار الفضل، ومَدَح أولياءه بسؤال ذلك في الدعاء، فقال تعالى :﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ [الفرقان : ٧٤] الآية، ويقال : إن الله تعالى لم يذكر في كتابه من الأنبياء إلا المتأهلين. وقالوا : إن يحيىعليه السلام قد تزوج فلم يجامع. قيل : إنما فعل ذلك لنيل الفضل وإقامة السُّنة، وقيل : لغض البصر. وأما عيسى عليه السلام فإنه سينكح إذا نزل الأرض، ويولدُ له.
وأما الأخبار فقوله ﷺ :" النَّكَاحُ سُنَّتي، فَمَنْ أَحَبَّ فِطْرَتي فَليسْتَنَّ بِسُنَّتِي " وقال
٣٤٨
أيضاً ﷺ :" تَنَاكَحُوا تَكَاثَروا ؛ فإنِّي أُبَاهِي بِكُم الأُممَ يَوْمَ القِيَامة، حَتَّى السَّقْط " وقال أيضاً :" مَنْ رَغِبَ عَن سُنَّتي فَلَيْسَ مِنِّي، وإِنَّ مِنْ سُنَّتي النِّكاحَ، فَمَنْ أحَبَّنِي فَليَسْتَنَّ بِسُنَّتِي " وقال ﷺ :" مَنْ تَرَكَ التَّزَوُّج مَخَافَةَ العَيْلة فَلَيس مِنَّا " وقال صلى الله عليه وسل : م " مَنْ نَكَحَ لله وأَنكَحَ لله استَحَقَّ ولايَة الله ". ثم قال : وقال ابن عباس لابنه : لا يتم نسك الناسك حتى يتزوج. وكان ابن مسعود يقول : لو لم يبق من عمري إلا عشرة أيام لأحببت أن أتزوج، لا ألقى الله عَزَبَاً. وكان معاذ رضي الله عنه مطعوناً وهو يقول : زوجوني، لا ألقي الله عزباً. وكان ماتت له زوجتان بالطاعون. وكان عُمَرُ يكثر النكاح، ويقول : لا أتزوج إلا للولد، وكان لعليّ رضي الله عنه أربع نسوة، وسبع عشرة سرية، وهو أزهد الصحابة. فدل أن تزوج النساء لا يدل على الرغبة في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon