قال سفيان : كثرة النساء ليس من الدنيا. واستدل بقضية عليّ رضي الله عنه قال : وكان أزهد الصحابة. ورُوي أن بشر الحافي رُئيَ في المنام، فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : رفعت إلى منازلي في الجنة فأشرفت على مقامات الأنبياء، ولم أبلغ منازل المتأهلين. وفي رواية : قال لي : ما كنت أحب أن تَلقاني عَزَباً، قال الرائي : فقلت له : ما فعل أبو نصر التمار ؟ قال : رُفع فوقي بسبعين درجة ؛ بصبره على بُنياته وعياله. وقد قيل : فضل المتأهل على العزب كفضل المجاهد على القاعد، وركعةٌ مِنْ متأهل أفضل من سبعين ركعة من عزب. هـ. كلام الغزالي باختصار.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٦
وقوله تعالى :﴿يمحو الله ما يشاء ويُثبت﴾، من جملة ما يقع فيه المحو والإثبات الواردات الإلهية التي ترد على القلوب من تجليات الغيوب ؛ فإن القلب إذا تطهر من الأكدار، وصفا من الأغيار، كان كل ما يتجلى فيه من الغيوب فهو حق، إلا أنه ينسخ بعضها بعضاً ؛ فقد يخبر الولي بأمر، يكون أوْ لا يكون على حساب ما تجلى في قلبه، ثم يمحو الله ذلك، ويثبت في قلبه خلافه. أو يظهر في الوجود خلاف ما أخبر، وليس بكذب في حقه، ولكن الحق تعالى يُظهر لخلقه أموراً من مقدوراته، متوقفاً وجودُها على أسبابٍ
٣٤٩
وشروطٍ أخفاها الحق تعالى عن خلقه، ليظهر عجزهم عن إحاطة علمه، فالنسخ إنما يقع في فعله لا في أصل علمه.
قال الأستاذ القشيري : المشيئة لا تتعلق إلا بالحدوث، والمحو والإثبات لا يكون إلا من أوصاف الحدوث، فصفات ذات الحق ـ سبحانه ـ ؛ من كلامه وعلمه، لا يدخل تحت المحو والإثبات، إنما يكون المحو والإثبات من صفات فعله. هـ. وقال سهل رضي الله عنه :﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ الأسباب، ﴿وعنده أمُّ الكتاب﴾ ؛ القضاء المبرم. هـ.


الصفحة التالية
Icon