وقال شيخ شيوخنا، سيدي عبد الرحمن الفاسي :﴿وعنده أم الكتاب﴾ : العلم الأول الثابت الذي لا يطرأ عليه تغيير ولا تبديل، ولا يقبل النسخ والتحريف. ومطالعته : بالفناء عن الحقيقة الخَلْقِية، والبقاء بالأنوار الصمدانية، والأنفاس الرحمانية. قال في القوت : والمحبة من أشرف المقامات، ليس فوقها إلا مقام الخُلَّة، وهو مقام في المعرفة الخاصة، وهي : تخلّل أسرار الغيب، فيطلع على مشاهدة المحبوب، بان يعطى إحاطة بشيء من علمه بمشيئته، على مشيئته التي لا تتقلب، وعلمه القديم الذي لا يتغير. وفي هذا المقام : الإشراف على بحار الغيوب، وسرائر ما كان في القديم وعواقب ما يدب. ومنه : مكاشفة العبد بحاله، وإشهاده من المحبة مقامه، والإشراف على مقامات العباد في المآل، والاطلاع عليهم في تقلبهم في الأبد ؛ حالاً ومآلاً. هـ.
قلت : هذا الاطلاع إنما هو إجمالي لا تفصيلي، وقد يقع فيه المحو والإثبات ؛ لأنه من جملة المعلومات التي دخلت عالم التكوين، التي يقع فيها التبديل والتغيير.
ثم قال صاحب القوت : وقد قال أحسن القائلين :﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ﴾ [البقرة : ٢٥٥]، والاستثناء واقع على إعطاء الإحاطة بشيء من شهادة علمه، بنورٍ ثاقبٍ من وصفه، وشعاع لائحٍ من سبحاته، إذا شاء، وذلك إذا أخرجت النفس من الروح، فكان روحانياً، خُروجَ الليلِ من النهار. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٦
٣٥٠
قلت :(إما) : شرطية، اتصلت ما الزائدة بأن الشرطية ؛ للتأكيد، والجواب :(فإنما...) إلخ. أو : فلا تحتفل فإنما... إلخ، و(لا معقب) : في موضع الحال، أي : يحكم نافذاً حكمه، كقوله : جاء زيد لا سلاح معه، أي : خاسراً. و(من عنده) : عطف على (بالله).