يقول الحق جل جلاله : لنبيه ﷺ ؛ تسكيناً له :﴿وإما نُرِيَنَّكَ بعضَ الذي نَعدهُم﴾ من العذاب الذي استعجلوه، ﴿أو نَتوفَّينك﴾ قبل أن ترى ذلك، فلا تحتفل بشأنهم، ﴿فإنما عليك البلاغُ﴾ للرسالة لا غير، ﴿وعلينا الحسابُ﴾ : المجازاة. والمعنى : كيفما دار الحال دُرْ معه، أريناك بعض ما أوعدناهم في حياتك، أو توفيناك قبله، فلا تهتم بإعراضهم، ولا تستعجل بعذابهم ؛ فإنا فاعلون ذلك لا محالة، وهذا طلائعه، فقد فتحنا عليك كثيراً من بلادهم ونقصناها عليهم.
﴿أوَ لَم يروا أنا نأتي الأرضَ﴾ أي : أرض الكفرة، ﴿ننقُصُها من أطرافِها﴾ بما نفتحه على المسلمين منها، فيخافون أن نُمَكّنك من أرضهم، وتنزل بساحتهم، منصوراً عليهم، فإذا نزلتَ بساحتهم، ولم يخضعوا لك، فساء صباح المنذرين. وقيل : الأرض جنس، ونقصها بموت الناس، وهلاك الثمرات، وخراب البلاد، وشبه ذلك. وذلك مقدمات العذاب الذي حَكَمَ به عليهم، ﴿واللهُ يحكُمُ لا مُعقبَ لحُكْمِهِ﴾ : لا راد له. والمعقب : الذي يعقب الشيء بالأبطال، ومنه قيل لصاحب الدَيْن : معقب ؛ لأنه يعقب غريمه للاقتضاء، والمعنى : أنه حكم للأسلام بالإقبال، وعلى الكفرة بالإدبار، وذلك كائن لا يمكن تغييره. ﴿وهو سريعُ الحساب﴾ فيحاسبهم عما قليل في الآخرة، وبعدما عذَّبهم بالقتل والإجلاء في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon