الوصول إليه، ممن هو خليفة عنه في أرضه، وأمرهم بعدم المنازعة والملاججة، فإن التنازع يُوجب تفرق القلوب والأبدان، ويوجب الفشل والوهن، ويذهب بريح النصر والإعزاز، كما أن الوفاق يوجب النصر ودوام العز.
ونهاهم عن التشبه بأهل الخوض والتكدير، ممن أولع بالطعن والتنكير، بل يكونون على خلافهم مخلصين في أعمالهم وأحوالهم، دالين على الله، داعين إلى طريق الله، يُحببون الله إلى عباده، ويحببون عباد الله إلى الله، وهذه صفة أهل الله. نفعنا الله بذكرهم. آمين.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٣
يقول الحق جل جلاله :﴿وإذْ زيّنَ لهم الشيطانُ أعمالهم﴾ السيئة، ومن جملتها : خروجهم إلى حربك ؛ بأن وسوس لهم، ﴿وقال لا غالبَ لكم اليومَ من الناس وإني جارٌ لكم﴾ قيل : قال لهم ذلك مقالة نفسانية، بأن ألقي في رُوعهم، وخيَّل إليهم أنهم لا يُغلبون ولا يطاقون، لكثرة عَددهم وعُددهم، وأوهمهم أن اتباعهم إياه في ذلك قربة مجيرة لهم من المكاره.
﴿فلما تراءت الفئتان﴾ أي : تلاقي الفريقان، ورأى بعضهم بعضاً، ﴿نَكصَ على عقبيه﴾ ؛ رجع القهقري، أي : بطل كيده، وعاد ما خيل لهم أنه مجير لهم سبب هلاكهم، ﴿وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله﴾، أي : تبرأ منهم وخاف عليهم، وأيس من حولهم، لمّا رأى إمداد المسلمين بالملائكة.