فالرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ إنما عليهم البيان بلسانهم، والهداية بيد ربهم، ولذلك قال تعالى :﴿فيُضِلُّ اللهُ من يشاءُ﴾ إضلاله، فيخذله عن الإيمان، ﴿ويهدي من يشاء﴾ بالتوفيق له، ﴿وهو العزيزُ﴾ الغالب على أمره، فلا يُغلَب على مشيئته، ﴿الحكيم﴾ في صنعه، فلا يضل ولا يهدي إلا لحكمة أرادها. والله تعالى أعلم.
الإشارة : ما بعث الله وليّاً داعياً إلا بلسان قومه، وقد يخرق له العادة، فيطلعه على جميع اللغات، كما قال المرسي رضي الله عنه : من بلغ هذا المقام لا يخفى عليه شيء. وذلك من باب الكرامة ؛ كما كان ﷺ يخاطب كل قوم بلغتهم ؛ معجزة له ﷺ ؛ فقد اتسع علمه ـ عليه الصلاة والسلام ـ فأحاط بحقائق الأشياء وأسمائها ومفهوماتها، وأصول اللغة، وفروعها، فعلم ما علمه سيدنا آدم عليه السلام، أو أكثر، وإلى ذلك أشار القطب ابن مشيش في تصليته المشهورة، وبقوله :" وتنزلت علوم آدم فإعجز الخلائق ". وقال البوصيري في همزيته :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٤
لَكَ ذَاتُ العُلوم مِنْ عالِم الغِيْ
ـبِ ومنْهَا لآدمَ الأَسْمَاءُ
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٤
قلت :(أنْ أخرج) : إما تفسيرية لا محل لها، أي : وقلنا : أن أخرج ؛ لأن في الإرسال معنى القول، أو على إسقاط الخافض، أي : بأن أخرج، فإنَّ صيغ الأفعال سواء في الدلالة على المصدر، فيصح أن توصل بها " إن " الناصبة.