﴿فاطر السماواتِ والأرض﴾ أي : خالقهما ومبدعهما على هذا الشكل الغريب، والإتقان العجيب ؛ إذ لا يصدر إلا من إله عظيم القدرة، باهر الحكمة، واحد في ملكه ؛ ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء : ٢٢]، وهو ﴿يدعوكم﴾ إلى الإيمان والتوحيد ببعثه إيانا، والتصديق بنا، ﴿ليغفر لكم من ذُنُوبكم﴾ إن آمنتم، أي : يغفر لكم بعض ذنوبكم، وهو ما تقدم قبل الإسلام، ويبقى ما يُذيب بعده في المشيئة، أو : ما بينكم وبينه دون المظالم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٨
والجمهور : أنه يغفر للكافر ما سلف مطلقاً، وقيل :" من " : زائدة، على غير مذهب سيبويه. قال البيضاوي : وجيء بمن، في خطاب الكفرة، دون المؤمنين في جميع القرآن، تفرقةً بين الخاطبين، ولعل المعنى فيه أن المغفرة، حيث جاءت في خطاب الكفار، مرتبة على الإيمان، وحيث جاءت في خطاب المؤمنين مشفوعة بالطاعة، والتجنب عن المعاصي، ونحو ذلك، فيتناول الخروج عن المظالم. هـ. ﴿ويُؤخّرَكُم إلى أجلٍ مسمّى﴾ : إلى وقت سماه الله، وجعله آخر أعماركم. وقال الزمخشري تبعاً للمعتزلة : يؤخركم إن آمنتم إلى آجالكم، وإن لم تؤمنوا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت، وهذا على قولهم بالأجلين. وأهل السنة يأبون هذا، فإن الأجل عندهم واحد محتوم، والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon