عليه، وقد يقال : إنما عبَّر ثانياً بلفظ المتوكلين ؛ كراهية إعادة اللفظ بعينه، أي : من كان متوكلاً على الله فإنه الحقيق بذلك. وقال في القوت : أي : ليتوكل عليه في كل شيء مَنْ توكل عليه في شيء. وهذا أحسن وجوهه. قال في الحاشية : والوجه الآخر : وعليه فليتوكّل، في توكله مَنْ تَوكَّل عليه من الأشياء ؛ لأن الوكيل في كل شيء واحد، فينبغي أن يكون التوكل في كل شيء واحد. هـ.
الإشارة : سر الخصوصية مستور بأوصاف البشرية، ولا فرق بين خصوصية النبوة، والولاية. سترها الحق تعالى غيرةً عليها أن يعرفها من لا يعرف قدرها ؛ فلا يطلع عليها إلا من سبقت له من الله العناية، وهبت عليه ريح الهداية. وفي الحِكَم :" سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور وصف البشرية، وظهر بعظمة الربوبية في إظهار العبودية. وقال أيضاً :" سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ". قال في لطائف المنن : فأولياء الله أهل كهف الإيواء، فقليل من يعرفهم، ولقد سمعت شيخنا أبا العباس المرسي رضي الله عنه يقول : معرفة الولي أصعب من معرفة الله ؛ فإن الله معروف بكماله وجماله، وحتى متى تعرف مخلوقاً مثلك، يأكل كما تأكل، ويشرب كما تشرب ؟ قال فيه : وإذا أراد الله أن يعرفك بولي من أوليائه طوى عنك وجود بشريته، وأشهدك وجود خصوصيته. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٩