قلت : ومعنى " طوى عنك وجود بشريته " هو : عدم الوقوف مع أوصافها اللازمة للنقائص، بل تنفذ منها إلى شهود خصوصيته، التي هي محل الكمالات. فأوصاف البشرية الذاتية للبشر لا تزول عن الولي، ولا عن النبي كالأكل والشرب، والنوم والنكاح، والضعف والفقر، وغير ذلك من نعوت البشر ؛ لأنها في حقهم رداء وصون لستر خصوصيتهم ؛ صيانةً لها أن تتبدل بالإظهار، وينادى عليها بلسان الاشتهار، ولذلك اختفوا عن كثير من الخلق. وإلى هذا أشار في الحِكَم بقوله : لا يلزم من ثبوت الخصوصية عدم البشرية ".
وقال صاحب كتاب (أنوار القلوب) : لله سبحانه عباد ضنَّ بهم عن العامة، وأظهرهم الخاصة، فلا يعرفهم إلا شكل، أو محب لهم، ولله عباد ضنَّ بهم عن الخاصة والعامة، ولله عباد يُظهرهم في البداية ويسترهم في النهاية، ولله عباد يسترهم في البداية ويُظهرهم في النهاية، ولله عباد لا يظهر حقيقة ما بينه وبينهم إلى الحفظة فمن سواهم، حتى يلقوه بما أودعهم منه في قلوبهم، وهم شهداء المكلوت الأعلى، والصفْح الأيمنِ مِنَ العرش ؛ الذين يتولى الله قبض أرواحهم بيده، فتطيب اجسادهم به، فلا يعدوا عليها الثرى، حتى يُبعثوا بها مشرقةً بنور البقاء الأبد مع الباقي الأحد عز وجل. هـ.
٣٦١
وقال أبو يزيد رضي الله عنه : أولياء الله تعالى عرائس، ولا يرى العرائس إلا من كان مَحرماً لهم، وأما غيرهم فلا. وهم مخبؤون عنده في حجاب الأنس، لا يراهم أحد في الدنيا ولا في الآخرة. هـ. وجميع ما أجاب به الأنبياءُ قومَهم يجيب به الأولياءُ من أنكر عليهم، من قوله :﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا﴾، من التعلق بالأسباب والانهماك في الحظوظ، ومتابعة الهوى، وحب الدنيا، ومن قولهم :﴿فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ﴾ إلى تمام ما أجابوا به. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٩