قلت :(واستفتحوا) : معطوف على (أوحى) ؛ إن كان الضمير للرسل، واستئناف إن كان للكفار. و(يسْقى) : معطوف على محذوف، أي : يلقى فيها ويسْقى، و(صديد) : عطف بيان لماء، و(يتجرعه) : صفة لماء، أو حال من ضمير (يسقى).
يقول الحق جل جلاله :﴿وقال الذين كفروا لِرُسُلهم﴾ ؛ تخويفاً لهم : والله ﴿لنُخرجنَّكم من أرضنا أو لتعودُنَّ في ملَّتنا﴾، حلفوا ليكونن أحد الأمرين ؛ إما إخراج الرسل من ديارهم، أو عودهم إلى ملتهم، والعود هنا بمعنى الصيرورة ؛ لأنهم لم يكونوا على ملتهم، كما تقدم في قصة شعيب عليه السلام. ويجوز أن يكون الخطاب لكل رسول، ولمن آمن معه، فغلّب الجماعة على الواحد، وقال الذين كفروا في كل عصر لكل رسول أتاهم : لنخرجنك، أو لتعودَن في ملتنا. ﴿فأوحى إليهم ربُّهم﴾ أي : إلى رسلهم، مجتمعين أو متفرقين ـ على القولين ـ وقال في إيحائه : والله ﴿لَنُهلكنَّ الظالمين﴾ فتخلى بلادهم، ﴿ولَنُسْكِنَنكُم الأرضَ من بَعدهم﴾ أي : أرضهم وديارهم، لقوله :﴿وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ا﴾ [الأعراف : ١٣٧]. ﴿ذلك﴾ الميراث والإسكان ﴿لمن خاف مقامِي﴾ أي : قيامه للحساب بين يدي في القيامة، أو قيامي على عبادي، وحفظي لأعمالهم، واطلاعي على سرهم وعلانيتهم. أو خاف عظمة ذاتي وجلالي، ﴿وخاف وعيد﴾ أي : وعيدي بالعذاب، أو عذابي الموعود للكفار.
﴿واستفتحوا﴾ أي : استفتح الرسل : طلبوا من الله الفتح على أعدائهم، أو القضاء بينهم وبين أعاديهم، كقوله :﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف : ٨٩] ؛ واستفتح
٣٦٢