الإشارة : ما خوَّفت الكفارُ به، رسلَهم خوفت به العوام فقراءَهم وأولياءهم، قال التجيبي، في الإنالة، لما تكلم على خفاء الأولياء، قال : ومعلوم أن العصمة لم تثبت إلا للنبيين والرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وأنَّ غيرهم يصيب ويخطئ، ويذنب ويتوب، لكن لمن سُطرت مناقب الرجال، وكراماتهم، ولم تذكر سيئاتهم، وطال العهد بهم، ظن أكثر الخلق أن ليس لهم سيئات، وقد كان لهم في أزمانهم المُحب والمبغض، والمسلّم والمنتقد. ثم قال : فمن يرضى يقول أحسن ما يعلم، ومن يسخط يقول أقبح ما يعلم، وقد رأى أولئك في أزمانهم من الأذى والتنقص، وإساءة الظن بهم ما كان يقصر عنه صبر غيرهم، وقد أُخْرِجَ أبو زيد البسطامي من بسطام مراراً، ورُفِع الشبلي والخواص والنوري
٣٦٣
للسلطان، وتستر الجنيد بالفقه حين ضُيِّقَ على الفقراء، وقُبض على الحلاج، وضُرب، ومُثَّل به، على أنه ساحر زنديق. هـ. المراد منه.
قلت : وقد وقع بنا في مدينة تِطوان أيام التجريد أمثال هذا، فقد خُوفنا بالضرب مراراً، وسُجِنا وأُخرجنا من زاويتنا، وقال لنا محتسبُهُم : والله لنخرجنكم من مدينتنا، ونركبكم في سفينة إلى بر النصارى، فقلت له : حبّاً وكرامة، ولعلّنا نُذكرهم الله حتى يسلموا، ولما وصل الخبر بهذه المقالة إلى شيخنا، كتب لنا بهذه الآية :﴿وقال الذين كفروا لرسلهم...﴾ الخ. وكل آية في الكفار تجر ذيلها على من تشبه بهم، وإن كان مُسلماً. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٦٢
قلت :(مثل) : مبتدأ، والخبر محذوف عند سيبويه، أي : فيما يتلى عليكم مثلهم. وقال الفراء : الخبر ما بعده، وهو جملة :(أعمالهم كرمادٍ)، أو (أعمالهم) : بدل، والخبر :(كرماد)، وعلى قول سيبويه تكون جملة :(أعمالهم) : مستأنفة لبيان مثلهم.