الإشارة : ظهور أهل التربية في زمان الغفلة والجهل نعمة عظيمةُ، لكن لا يعرفها إلا من سقط عليها، ومن أنكرها، وسدَّ بابها، وعوَّق الناس عن الدخول في طريقها، فقد بدل نعمة الله كفراً، وأحلَّ الناس ـ من تبعه ـ دار البوار، وهي : الإقبال على الدنيا، والانهماك في الغفلة، وخراب الباطن من نور اليقين، وكثرة الخواطر والوساوس، والحرض والجزع والهلع، وغير ذلك من أمراض القلوب. وأيُّ عذاب المؤمن أشد من هذا في الدنيا ؟ ويسقط في الآخرة عن درجة المقربين، ومن لم يصحب أهل التوحيد الخالص لا يخلو من عبادة أنداد وأشباه ؛ بمحبته لهم والركون إليهم. ومن أحب شيئاً فهو عبد له. قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه ذات يوم : إنا لا نحب إلا الله، ولا نحب معه شيئاً سواه. فقال له بعض الحاضرين : قال جدك رسول الله ﷺ :" النفس مجبولة على حب من أحسن إليها " فقال له الشيخ : إنا لا نرى الإحسان إلا من الله، ولا نرى معه غيره. هـ. بالمعنى.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٧١
قلت :(يُقيموا) : جواب شرط مقدر، يتضمنه قوله :(قل)، تقديره : إن تقل لهم أقيموا يقيموا، ومعمول القول، على هذا، محذوف. وفيه تنبيه على أنهم لفرط مطاوعتهم للرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ، بحيث لا ينفك فعلهم عن أمره، وأنه كالسبب الموجب له، أي : مهما قلت أقاموا وأنفقوا. وقيل جزم بإضمار لام الأمر. ولا يصح أن يكون جواب الأمر من غير حذف ؛ لأن أمر المواجهة لا يجاب بلفظ الغيبة. انظر البيضاوي : وقال ابن عطية : إلا إن ضمّن (قل) معنى : بلّغ أو أدَّ، فيصح أن يكون (يقيموا) : جواب أمره. و(سراً وعلانية) : حالان، أو ظرفان، ومن قرأ :" لا بيع " بالبناء فقد بنى " لا " مع
٣٧٢
اسمها بناء للتركيب، ومن قرأ بالرفع فقد أهملها.