وأما الصدقة فإنها برهان على إيمان صاحبها، وفي الحديث :" الصَّدقةُ بُرْهانٌ " فهي تدل على خروج حب الدنيا من القلب، وعلى اتصاف صاحبها بمنقبة السخاء، التي هي أفضل الخصال، وفي الحديث :" السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ، قَرِيبٌ من النَّاس قريبٌ من الجَنَّةِ، بَعِيدٌ من النارِ، والبَخِيلُ بَعيدٌ من اللهِ، بَعِيدٌ من النَّاسِ، بَعِيدٌ مِنَ الجَنَّةِ، قَرِيبٌ من النَّارِ، ولجَاهلٌ سَخِيٌ أَحَبُ إلى اللهِ من عَالمٍ بخيلٍ ".
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٧٢
قلت :(الله) : مبتدأ، و(الذي)، وما بعده : خبر، و (رزقاً لكم) : مفعول أخرج، و (من الثمرات) : بيان له، حال، ويجوز العكس، ويجوز أن يراد بالرزق : المصدر، فينصب على العلة أو المصدر ؛ لأن (أخرج) فيها معنى " رَزَقَ "، و (دائبينْ) : حال، والدؤوب : الدوام على عمل واحد، و (من كل ما سألتموه) : يحتمل أن تكون " ما " مصدرية، أو موصولة، أو موصوفة.
يقول الحق جل جلاله :﴿اللهُ الذي خلق السماوات والأرض﴾ من أجلكم، السماء تُظلكم، والأرض تُقلكم، ﴿وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمراتِ رزقاً لكم﴾، تعيشون به وتتفكهون منه. ويشمل الملبوس، كالقطن، والكتان، وشبه ذلك ﴿سخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره﴾ : بمشيئته وقدرته، إلى حيث توجههم مع أسباب حكمته، تغطية لقدرته، وهو ما يتوقف عليه جريها وإرساؤها، من الجبال والقلاع، ﴿وسخّر لكم الأنهار﴾ مطردة لانتفاعكم بالسفن والشرب، وسائر منافعها، فجعلها مُعدَّة لا نتفاعكم وتصرفكم. وقيل : تسخير هذه الأشياء : تعليم كيفية اتخاذها والانتفاع بها.


الصفحة التالية
Icon