﴿وسخَّر لكم الشمسَ والقمرَ دائبين﴾ ؛ متماديين في الطلوع والغروب، يدأبان في سيرهما وإنارتهما، وإصلاح ما يصلحانه من المكونات، بقدرة خالقهما، ﴿وسخَّر لكم الليلَ والنهارَ﴾ يتعاقبان لسكناتكم ومعايشكم. ﴿وآتاكم من كل ما سألتموه﴾ أي : وآتاكم بعض جميع ما سألتموه، وهو ما يليق بكم، وما سبق لكم في مشيئته وعلمه. قال البيضاوي : ولعل المراد بما سالتموه : ما كان حقيقياً بأن يسأل ؛ لاحتياج الناس إليه، سُئل أو لم يسأل. هـ. وقرأ الضحاك وابن عباس :" من كُلِّ " ؛ بالتنوين، أي : وآتاكم من كل شيء احتجتم إليه، وسألتموه بلسان الحال. ويجوز على هذا أن تكون " ما " نافية، في موضع الحال، أي : وآتاكم من كل شيء غير سائليه.
﴿وإن تعدوا نعمةَ الله لا تُحصوها﴾ : لا تحصوها، ولا تطيقوا عدَّ أنواعها، فضلاً عن أفرادها، فإنها غير متناهية ؛ فمنها ظاهرة، ومنها باطنة، كالهداية والمعرفة. قال طلق بن حبيب : إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد، ونعمة أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أصبحوا توابين، وأمسوا توابين. هـ. وقال أبو الدرداء : من لم ير نعمة الله إلا في مطعمه ومشربه، فقد قلَّ علمه، وحضر عذابه. هـ. ﴿إنَّ الإنسانَ لظلوم﴾ ؛ بظلم النعمة
٣٧٤
لمَّا غفل عن شكرها، أو بظلم نفسه لمَّا عرضها للحرمان، بارتكاب المعاصي، ﴿كفارٌ﴾ : شديد الكفران، وقيل : ظلوم في الشدة يشكو ويجزع كفّار في النعمة يجمع ويمنع. قاله البيضاوي.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٧٣