قلت : قال هنا :﴿اجعل هذا البلد﴾ بالتعريف، وقال في سورة البقرة ﴿بَلَداً﴾ [البقرة : ١٢٦] بالتنكير، قال البيضاوي : الفرق بينهما أن المسؤول في الأول ـ أي : في التعريف ـ إزالة الخوف وتصييره أمناً، وفي الثانية جعله من البلاد الآمنة. هـ. وفرَّق السهيلي : بأن النبي ﷺ كان بمكة حين نزول آية إبراهيم، لأنها مكية ؛ فلذلك قال فيه :" البلد " ؛ بلام التعريف التي للحضور، بخلاف آية البقرة، فإنما هي مدينة، ولم تكن مكة حاضرة حين نزولها، فلم يُعرفها بلا تعريف الحضور. هـ. قال ابن جزي : وفيه نظر ؛ لأن ذلك كان حكاية عن إبراهيم عليه السلام، ولا فرق بين كونه بالمدينة أو بمكة. هـ.
قلت : لا نظر فيه ؛ لأن الحق تعالى لم يحك لنا قصص الأنبياء بألفاظهم، وإنما ترجم عنها بلسان عربي، فينزل على رعاية مقتضى الحال. ولذلك اختلفت الألفاظ في قصص الأنبياء، لأن كل قصة تنزل على ما يقتضيه المقام والحال، من تعريف وتنكير، واختصار وإطناب. وقد ذكر أبو السعود في سورة الأعراف ما يؤيد هذا، فانظره. والله تعالى أعلم.