واللجوء إلى الله تعالى. ﴿وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء﴾ ؛ لأن علمه أحاط بكل معلوم. " من " : للاستغراق.
الإشارة : ينبغي للعبد أن يكون إبراهيمياً، فيدعو بهذا الدعاء على طريق الإشارة، فيقول : رب اجعل هذا القلب آمناً من الخواطر والوساوس، واجنبني وبَنِيَّ، أي : بَعِّدْنِي ومن تعلق بي، أن نعبد الأصنام، التي هي الدنانير والدراهم، وكل ما يُعشق من دون الله، ﴿رب إنهن أضللن كثيراً من الناس﴾ فتلفوا في حبها والحرص عليها، فلا فكرة لهم إلا فيهما، ولا شغل لهم إلا جمعهما، فمن تبعني في الزهد فيهما، والغنى بك عنهما، فإنه مني، ومن عصاني، واشتغل بمحبتهما وجمعهما، ﴿فإنك غفور رحيم﴾. وقوله :﴿ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع﴾ فيه : تعليم اليقين لمن طلب تربية اليقين. قال الورتجبي : فيه إشارة إلى تربية أهله بحقائق التوكل والرضا والتسليم، ونِعْم التربية ذلك فأعلمنا بسنته القائمة الحنيفية السمحة السهلة، الخليلية الحبيبية، الأحمدية المصطفوية ـ صلوات الله عليهما ـ أن العارف الصادق ينبغي له ألا يكون معوله على الأملاك والأسباب ـ في حياته وبعد وفاته ـ لتربية عياله، فإنه تعالى حسبه، وزاد في تربيتهم بأن يؤدبِّهم بإقامة الصلاة إظهاراً للعبودية، وإخلاصاً في المعرفة، وطلباً للمشاهدة، ومناجاة في القربة بقوله :﴿ربنا ليقيموا الصلاة﴾ الخ.


الصفحة التالية
Icon