وقال ابن عطية على قوله ﴿ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ﴾ [البقرة : ٧٥] ذهبت جماعة من العلماء إلى أنهم بدلوا ألفاظاً من تلقائهم، وأن ذلك ممكن في التوراة ؛ لأنهم استحفظوها، وغير ممكن في القرآن ؛ لأن الله تعالى ضمن حفظه. هـ.
الإشارة : كل ما جاء في القرآن من الإنكار على الرسل على أيدي الكفرة وتنقصيهم، والاستهزاء بهم، ففيه تسلية لمن بعدهم من الأولياء. وكذلك ما ذكره الحق تعالى من مقالات أهل الجهل في جانبه ؛ كقوله :﴿لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوااْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ﴾ [ آل عمران : ١٨١]، وقوله :﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ [المائدة : ٦٤]، إلى غير ذلك من مقالات أهل الجهل، فكأن الحق تعالى يقول : لو سَلِم أحد من الناس، لسلمتُ أنا وأنبيائي، الذين هم خاصة خلقي، فليكن بي وبرسلي أسوة لمن أُوذي من أوليائي. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٨٨
يقول الحق جل جلاله : في تسلية رسوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ﴿ولقد أرسلنا مِن قبْلِكَ﴾ رسلاً ﴿في شِيَعٍ﴾ : فرق ﴿الأولين﴾ أي : القرون الماضية، جمع شيعة، وهي : الفرقة المتفقة على طريق واحد، وتتشيع لمذهب أو رجل، من شاعه إذا تبعه، أي : نبأنا رجالاً فيهم، وجعلناهم رسلاً إليهم، فكذبوهم واستهزؤوا بهم، فكانوا :﴿ما يأتيهم
٣٨٩
من رسول إلا كانوا به يستهزئون﴾
كما يفعل بك هؤلاء المجرمون.


الصفحة التالية
Icon