جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٨
ولا تحسبن}، يا محمد، ﴿الذين كفروا سَبقُوا﴾ قدرتنا، ونجوا من نكالنا ؛ ﴿إِنهم لا يُعجزُون﴾ أي : لا يفوتون في الدنيا والآخرة، فلا يعجزون قدرتنا، أو لا يجدون طالبهم عاجزاً عن إدراكهم، بل اللَّهُ محيط بهم أينما حلوا. والله تعالى أعلم.
٣٩
الإشارة : شرفُ الإنسان وكمالُه في خمسة أشياء : الإيمان بالله، وبسائر ما يتوقف الإيمان عليه، والوفاء بالعهود، والوقوف مع الحدود، والرضى بالموجود، والصبر على المفقود.
وقال القشيري في قوله تعالى :﴿فإما تثقفهم في الحرب...﴾ الآية، أي : إنْ صَادَفْتَ واحداً من هؤلاء الذين دأبُهم نقصُ العهد، فاجعلهم لمن يأتي بعدهم، لئلا يسلكوا طريقَهم، فيستوجبوا عُقُوبتهُم. كذلك مَنْ فَسَخْ عقده مع الله بقلبه، برجوعه إلى رُخَصِ التأويلات، ونزول إلى السكون مع العادات، يجعله الله نكالاً لمن بعده، بحرمان ما كان خوَّلَه وتنغيصه عليه. ثم قال عند قوله :﴿وإما تخافن من قوم خيانة﴾، يريد إذا تحقَّقْت خيانة قوم منهم، فَصَرِّح بأن لا عهدَ بينك وبينهم، فإذا حصلت الخيانة زال سَمتُ الأمانة، وخيانةُ كلّ أحدٍ على ما يليق بحاله. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٨
يقول الحق جل جلاله :﴿وأعدوا لهم﴾، أي : لناقضي العهد، أو لمطلق الكفار، ﴿ما استطعتم من قوة﴾، أي : ما قدرتم عليه من كل ما يتقوى به في الحرب. وعن عقبة ابن عامر، قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول على المنبر :" ألاَ إنَّ القُوَّة الرَّمْي " قالها ثلاثاً، ولعله عليه الصلاة والسلام خصه بالذكر ؛ لأنه أعظم القوى، ﴿و﴾ أعدوا لهم أيضاً ﴿من رباط الخيل﴾ اي : من الخيل المربوطة للجهاد، وهو اسم للخيل التي تربط في سبيل الله، بمعنى مفعول، أو مصدر، أو جمع ربيط ؛ كفصيل وفصال.