قال البيضاوي : ولعل تخصيص العدد بالسبعة، لانحصار مجامع المهلكات في الركون إلى المحسوسات، ومتابعة القوة الشهوية والغضبية. هـ. فالقوة الشهوية محلها ست وهي : السمع والبصر والشم واللسان والبطن والفرج. والقوة الغضبية في البطش باليد والرجل، فالمعاصي المهلكات جلها من هذه السبع، ومَلِكها القلب، إذا صلح صلحت، وإذا فسد فسدت. كما تقدمت للطبقات، قال تعالى :﴿لكل بابٍ منهم﴾ أي : من الأتباع ﴿جُزْءٌ مَقْسومٌ﴾ أفراد له، لا يدخل إلا منه، ولا يسكن إلا في طبقته. وقد تقدم أهل كل طبقة، من عصاة الموحدين إلى المنافقين.
ثم شفع بضدهم، على عادته سبحانه وتعالى في كتابه، فقال :﴿إنَّ المتقين﴾ للكفر والفواحش، أو لمتابعة إبليس، ﴿في جنات وعيون﴾، لكل واحد جنة وعين، أو لكل واحد جنات وعيون، يقال لهم عند دخولهم :﴿ادخلُوها﴾، وقرأ رويس عن يعقوب :" أدخلُوها " ؛ بضم الهمزة وكسر الخاء، على البناء للمفعول، فلا يكسر حينئذٍ التنوين، أي : تقول الملائكة لهم : ادخلوها، أو قد أدخلهم الله إياها. ﴿بسلام﴾ أي : سالمين من المكاره والآلام، أو مسلماً عليكم بالتحية والإكرام، ﴿آمنين﴾ من الآفة والزوال.
﴿وَنَزَعْنا ما في صُدُورهم من غلٍّ﴾ أي : من حقد وعداوة كانت في الدنيا، وعن علي رضي الله عنه :(أرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير منهم)، أو من التحاسد على درجات ومراتبِ القُرْبِ.
قلت : أما التحاسد على مراتب القرب فلا يكون ؛ لاستغناء كل أحد بما لديه، وأما التأسف والندم على فوات ذلك بالتفريط في الدنيا فيحصل، ففي الحديث :" ليس يَتَحَسَّرُ أهْلُ الجَنَّةِ على شيء إلاَّ على سَاعَةٍ مَرَّتْ لهم لَمْ يَذْكُرُوا الله فيهَا " ولا يحصل التحسر
٤٠٠