ويؤخذ من الآية : أن صحبة الخصوص لا تنفع إلا مع الاعتقاد والتعظيم، فإنَّ امرأة نبي الله لوط كانت متصلة به حساً، ومصاحبة له، ولم ينفعها ذلك، حيث لم يكن لها فيه اعتقاد ولا تعظيم. وكذلك صحبة الأولياء : لا تنفع إلا مع صدق والتعظيم. وقول ابن عطاء الله : سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه. ولم يوصل إليهم إلا من اراد أن يوصله إليه " : مقيد بوصول التعظيم والاعتقاد، والاستماع والاتباع. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٠٣
قلت :(وقضينا إليه ذلك الأمر)، القضاء هنا بمعنى القدر السابق، وضمَّنه معنى أوحينا، فعداه بإلى. و(أنَّ دابر) : بدل من الأمر، وفي ذلك تفخيم الأمر وتعظيم له، و (مُصبحِين) : حال من " هؤلاء "، أو من ضمير مقطوع، وجمعه ؛ للحمل على المعنى ؛ لأن دابر بمعنى دوابر، أي : قطعنا دوابرهم حال كونهم داخلين في وقت الصباح. و(لعمركَ) : مبتدأ، والخبر محذوف، أي : قسمي، قال ابن عزيز : عَمْرٌ وعُمْرٌ واحد، ولا يقال في القسم إلا مفتوحاً، وإنما فتح في القسم فقط ؛ لكثرة الاستعمال.
٤٠٥
يقول الحق جل جلاله :﴿فلما جاء آلَ لوطٍ المرسلين﴾، وهم أضياف إبراهيم، فلما دخلوا عليه ولم يعرفهم، ﴿قال إنكم قومٌ منكرون﴾ لا نعرفهم. أو تنكركم نفسي ؛ مخافة أن تطرقوني بشيء، ﴿قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون﴾ أي : ما جئناك بما تنكرنا لأجله، بل جئناك بما يسرك، وهو : قطع الفاحشة من بلدك، وإتيان العذاب لعدوك الذي توعدناهم، فكانوا يمترون فيه ويشكون في إتيانه، ﴿وأتيناك بالحق﴾ ؛ باليقين الثابت، وهو إتيان العذاب لا محالة، ﴿وإنَّا لصادقون﴾ فيما أخبرناك به.


الصفحة التالية
Icon