﴿فأسرِ بأهلك﴾ : فاذهب بهم ﴿بقطْعٍ من الليل﴾ أي : فاخرح بهم في طائفة من الليل، قيل : آخره، ﴿واتَّبع أدبارَهم﴾ أي : كن خلفهم في ساقتهم، حتى لا يبقى منهم أحد، أو : أمره بالتأخر عنهم ؛ ليكونوا قدامه، فلا يشتغل قلبه بهم لو كانوا خلفه ؛ لخوفه عليهم، أي : ليسرع بهم، ويطلع على أحوالهم. ﴿ولا يلتفت منكم أحدٌ﴾ خلفه، لينظر ما وراءه فيرى من الهول ما لا يطيقه، أو : ولا ينصرف أحد منكم، ولا يتخلف لغرض فيصيبه ما أصابهم. وقيل : نهوا عن الالتفاف ليوطنوا أنفسهم على الهجرة. ﴿وامضوا حيث تُؤمرون﴾ أي : إلى حيث أمركم الله، وهو الشام أو مصر، وقال بعضهم :" ما من نبي هلك إلا لحق بمكة، وجاور بها حتى مات ".
﴿
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٠٥
وقضينا﴾
: أوحينا ﴿إليه ذلك الأمر﴾، وهو هلاك قومه، ذكره مبهماً ثمَّ فسره بقوله :﴿أنَّ دابر هؤلاء مقطوع﴾ وهو كناية عن استئصالهم، والمعنى : أنهم يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد، حال كونهم وقت العذاب ﴿مُصْبِحين﴾ : داخلين في الصباح.
﴿وجاء أهلُ المدينة﴾، وهي سدوم، ﴿يستبشرون﴾ بأضياف لوط ؛ طمعاً فيهم في فعل الفاحشة، والظاهر : أن هذا المجيء إليه، وما جرى له معهم من المحاورة، كان قبل الإعلام بهلاكهم، كما تقدم في هود. وانظر ابن عطية : فلما جاؤوه يراودونه عن ضيفه ﴿قال إنَّ هؤلاء ضيفي فلا تَفْضَحُون﴾ ؛ بهتك حرمة ضيفي، فإنَّ من فُضح ضيفه فقد فُضح هو، ومن أًسِيء إلى ضيفه فقد أُسيء إليه، ﴿واتقوا الله﴾ في ركوب الفاحشة، ﴿ولا تُخزُون﴾ : ولا تهينوني بإهانتهم. والخزي هو الهوان، أو : ولا تخجلون فيهم، من الخزاية وهو الحياء.


الصفحة التالية
Icon