﴿قالوا أو لم ننْهكَ عن العالمين﴾ ؛ عن أن تجير منهم أحداً، أو تحول بيننا وبينهم، وكانوا يتعرضون لكل أحد، وكان لوط عليه السلام يمنعهم ويزجرهم عنه بقدر وسعه. وذكر السدي : إنهم إنما كانوا يفعلون الفاحشة بالغرباء، ولا يفعلونها بعضهم ببعض، فكانوا يعترضون الطرق. هـ. أو : أَوْ لم ننهك عن ضيافة العالمين وإنزالهم ؟ ﴿قال هؤلاء بناتي﴾ تُزَوِّجُوهُنَّ إياكم، وقد كان يمنعهم قبل ذلك لكفرهم، فأراد أن يقي أضيافه بهن.
٤٠٦
ولعله لم يكن حراماً في شريعته، أو يريد بالبنات نساء القوم ؛ فإن نبي كل أمة بمنزلة أبيهم، ﴿إن كنتم فاعلين﴾ قضاء الوطر، أو : ما أقول لكم من التزويج، فابوا، ولجوا في عملهم.
قال تعالى لنبيه محمد ﷺ :﴿لَعَمْرُكَ﴾ : لحياتك يا محمد، أقسم بحياته ـ عليه الصلاة والسلام ـ لشرف منزلته عنده. قال ابن عباس رضي الله عنهما :" ما خلق الله خلقاً أكرم عليه من محمد ﷺ، وما أقسم بحياة أحد إلا بحياته، فقال :﴿لَعَمْرُكَ إنهم لَفِي سَكْرتهم يَعمهون﴾ قال القرطبي : وإذا أقسم الله بحياة نبيه فإنما أراد التصريح لنا أنه يجوز لنا أن نخلف بحياته. وقد قال الإمام أحمد فيمن أقسم بالنبي ﷺ : ينعقد به يمينه، وتجب الكفارة بالحنث، واحتج بكون النبي ﷺ أحد ركني الشهادة. قال ابن خُوَيْزِ مَنْدَاد : هذا إذ استدل من جوّز الحلف به عليه الصلاة والسلام، بأن أيمان المسلمين جرت من عهده ﷺ حتى إن أهل المدينة إلى يومنا هذا إذا جاء صاحبه قال له : احلف لي بما حوى هذا القبر، وبحق ساكن هذا القبر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٠٥