يقول الحق جل جلاله :﴿وإن كان أصحابُ الأيكة لظالمين﴾، وهم قوم شعيب، كانوا يسكنون غيضة. وهي الأيكة. والأيكة : الشجر الملتف، قيل : كانت من الدوح، وقيل : من السدر، فكانوا يسكنون فيها، ويرتفقون بها معايشهم، فبعث الله لهم شعيباً عليه السلام، فكفروا به، فسلط الله عليهم الحر سبعة أيام، ثم رأوا سحابة فخرجوا فاستظلوا تحتها، فاضطرمت عليهم ناراً ؛ فاحترقوا. قال تعالى :﴿فانتقمنا منهم﴾ بالهلاك بالحر، ﴿وإنهما﴾ يعني : سدوم مدينة قوم لوط، والأيكة قرية شعيب. وقيل : الأيكة ومدين ؛ لأن شعيباً عليه السلام كان مبعوثاً إليهما، وكان ذكر أحدهما مغن عن الآخر،
٤٠٨
﴿لَبإمامٍ مبينٍ﴾ : لبطريق واضح يسلك منه إلى الشام، فيعتبر كل من وقف بآثارهم. والإمام : ما يؤتم به، ويوصل إلى المقصود من طريق أو غيره. وقيل :﴿وإنهما﴾ أي : لوط وشعيب، على طريق من الشرع واضح. والله تعالى أعلم.
الإشارة : ما أهلكَ اللهُ قَوماً إلا كانوا عبرة لمن بعدهم، فالعاقل يبحث عن سبب هلاكهم، فيعمل جهده في التحرز منه، والغافل منهمك في غفلته، لا يلقى لذلك بالاً، حتى يأتيه ما يوعد. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٠٨
قلت :(بيوتاً) : مفعول (ينحتون)، بمعنى : يتخذون، أو يصنعون. و (آمنين) : حال من فاعل (ينحتون).