وروي أنه ﷺ وافى مع أصحابه أذْرِعَات، فرأى سبع قوافل ليهود بني قُرَيْظَة والنَّضير، فيها أنواع البُرِّ، والطيب والجواهر، وسائر الأمتعة، فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموال لنا لتقربنا بها، ولأنفقناها في سبيل الله، فقال لهم ـ عليه الصلاة والسلامـ :" قد أعطيتم سبع آيات هي خير من هذه السبع القوافل ". ﴿ولا تحزنْ عليهم﴾ : لا تتأسف على كفرهم ؛ حيث أنذرتهم فلم ينزجروا ولم يؤمنوا. أو : حيث متعناهم بالدنيا فلم ينفعوا بها، ولم يصرفوها في مرضاة الله، ﴿وأخفض جناحك للمؤمنين﴾ ؛ أي : تواضع وألن جانبك للمؤمنين، وارفق بهم. والجناح، هنا، استعارة. ﴿وقل إني انا النذيرُ المبين﴾ : البين الإنذار، أنذرتكم ببيان وبرهان أن عذاب الله نازل بكم إن لم تؤمنوا. وفي الحديث :" أنا النذير، وأنذرتكم ببيان وبرهان أن عذاب الله نازل بكم إن لم تؤمنوا " وفي الحديث :" أنا النذير، والموت مغير، والقيامة الموعد " أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وفي حديث آخر :" أنا النَّذير العُريَانُ " وكانت العرب إذا رأى أحْدهم جيشاً يقصدهم، تجرد من ثيابه، ثم أنذر قومه ليصدقوه، أي : وقل : إني أنذرتكم ان ينزل بكم عذابه.
﴿كما أنزلنا على المقتسمين﴾، أي : مثل العذاب الذي أنزل على المقتسمين، وهم أهل الكتاب، الذين آمنوا ببعض الكتب وكفروا ببعض، فاقتسموا قسمين. والعذاب الذي نزل بهم هو الذل والهوان وضرب الجزية، أو تسليط عدوهم عليهم. وقيل : هم كفار قريش ؛ اقتسموا أبواب مكة في الموسم، فوقف كل واحد منهم على باب، وكانوا اثني عشر رجلاً، لينفروا الناس عن الإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام، يقول أحدهم : هو ساحر، والآخر : هو شاعر، فأهلكهم الله يوم بدر. وقيل : هم الرهط الذين اقتسموا، أي : تقاسموا ليُبيتوا صالحاً، فأسقط الله عليهم الغار الذي كمنوا فيه، فشدخهم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤١٠