وقيل : هم الذين قُتلوا ببدر ؛ كأبي جهل، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط. والأول أرجح ؛ لأن الله تعالى كفاه أمرهم بمكة قبل الهجرة. إلا أن يكون عبّر بالماضي عن المستقبل ؛ لتحققه، أي : إنا سنكفيك المستهزئين ﴿الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر﴾ يعبدونه من دون الله ﴿فسوف يعلمون﴾ عاقبة أمرهم في الدارين.
ثم سلّى نبيه عن أذاهم فقال :﴿ولقد نعلمُ أنك يضيق صدرُك بما يقولون﴾ في جانبنا ؛ من الشرك والطعن في القرآن، والاستهزاء بك، فلا تعبأ بهم، ولا تلتفت إليهم.
٤١٣
﴿فسِّبح بحمد ربك﴾ أي : فنزه أنت ذاتنا وصفتنا، مكان مقالتهم فينا ؛ فإن مثلك منزهنا لا غير، ﴿وكن من الساجدين﴾ ؛ أي : المصلين، أو : فافرغ إلى الله فيما نابك وضاق منه صدرك بالتسبيح والتحميد. ﴿وكن من الساجدين﴾ ؛ من المصلين، يكفك ويكشف الغم عنك، وعنه ﷺ :" أنه كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة "، أو : فنزهه عما يقولون، حامداً له على أن هداك للحق، وكن من الساجدين له شكراً.
﴿واعبدْ ربك حتى يأتيك اليقين﴾ أي : الموت، فإنه متيقن لحاقه، وليس اليقين من أسماء الموت، وإنما العلم به يقين، لا يمتري فيه، فسمي يقيناً ؛ تجوزاً. أو : لما كان يحصل اليقين بعده بما كان غيباً سمي يقيناً. والمعنى : فاعبده ما دمت حياً، ولا تُخِلّ بالعبادة لحظة. وفي بعض الأحاديث عنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه قال :" إن الله لم يُوح إليَّ أن أجمع المال، وأكون من التاجرين، وإنما أوحى إليَّ أن : سبح بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " أو كما قال عليه الصلاة والسلام.