الإشارة : ما خوطب به النبي ﷺ يخاطب به ورثته الكرام، من الاكتفاء بالله وعدم الالتفات إلى ما سواه، وتصحيح عقد التوحيد، والاعتماد على الكريم المجيد. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٢
٤٣
قلت : التحريض : هو الحث على الشيء والمبالغة في طلبه، وهو من الحرض، الذي هو الإشفاء على الهلاك.
يقول الحق جل جلاله :﴿يا أيها النبي حرّض المؤمنينَ﴾ أي : حثهم ﴿على القتال﴾ أي : الجهاد. ثم أمرهم بالصبر والثبات للعدو بقوله :﴿إنْ يكنْ منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا﴾، وهذا خبر بمعنى الأمر، أي : يقاتل العشرون منكم المائتين، والمائة الألف، وليثبتوا لهم، ولا يصح أن يكون خبراً محضاً ؛ إذ لو كان خبراً محضاً لَمَا تخلف في الواقع، ولو في جزئية ؛ إذ خبره تعالى لا يخلف.
قال الفخر الرازي : حَسُن هذا التكليف لِما كان مسبوفاً بقوله :﴿حسبُكَ الله ومن اتبعك من المؤمنين﴾ ؛ فلما وعد المؤمنين بالكفاية والنصر كان هذا التكليف سهلاً ؛ لأن من تكفل الله بنصره فإن أهل العالم لا يقدرون على إذايته. هـ.
وإنما كان القليل من المؤمنين يقاوم الكثير من الكفار ﴿بأنهم﴾ ؛ بسبب أنهم ﴿قوم لا يفقهون﴾، أي : لأنهم جهلة بالله واليوم الآخر، فلا يثبتون ثبات المؤمنين، رجاء الثواب والترقي في الدرجات، قتلوا أو ماتوا، بخلاف الكفار ؛ فلا يستحقون من الله إلا الهوان والخذلان.