لا يقرون عليه. قاله البيضاوي. قال القشيري : أخَذَ النبي ﷺ يوم بدر منهم الفداء، وكان ذلك جائزاً لوجوب العصمة، ولكن قتلهم كان أَوْلى. هـ. وقال ابن عطية : إنما توجه العتاب للصحابة على استبقاء الرجال دون قتلهم، لا على الفداء ؛ لأن الله تعالى قد كان خيَّرهم، فاختاروا الفداء على أن يقتل منهم سبعين، كما تقدم في سورة آل عمران. ثم قال : والنبي عليه الصلاة السلام خارج عن ذلك الاستبقاء. انظر تمامه في الحاشية.
فإن قلت : إذا كان الحق تعالى خيَّرهم فكيف عاتبهم، وهم لم يرتكبوا محظوراً ؟ فالجواب : أن العتاب تابع لعلو المقام، فالخواص يُعاتبون على المباح، إن كان فعله مرجوحاً، والحق تعالى إنما عاتبهم على رغبتهم في أمر دنيوي، وهو الفداء، حتى آثروا قتل أنفسهم على أخذه، ويدل عليه قوله :﴿تُريدون عَرَض الدنيا﴾، وهذا إنما كان في بعضهم، وجُلهم إنما اختاروا الفداء استبقاء لقرابة الرسول عليه الصلاة والسلام. والله تعالى أعلم.
ثم قال تعالى في تمام عتابهم :﴿لولا كتابٌ من الله سبق﴾ أي : لولا حكم الله سبق إثباته في اللوح المحظوظ، وهو ألا يعاقب المخطئ في اجتهاده، أو أنه سيحل لكم الغنائم، أو ما سبق في الأزل من العفو عنكم، ﴿لمسّكم فيما أخذتُم﴾ ؛ من الفداء أو من الأسارى، ﴿عذابٌ عظيم﴾. رُوي أنه عليه الصلاة والسلام قال، حيث نزلت :" لو نزل العذاب ما نجا منه غير عمر وسعد بن معاذ " ؛ وذلك لأنه أيضاً أشار بالإثخان.


الصفحة التالية
Icon