ثم أباح لهم الغنائم وأخذ الفداء فقال :﴿فكلوا مما غنمتُم﴾ من الكفار، ومن جملته : الفدية، فإنها من الغنائم، ﴿حلالاً طيباً﴾ أي : أكلاً حلالاً، فائدته : إزاحة ما وقع في نفوسهم بسبب تلك المعاتبة، أو حرمتها على المتقدمين. رُوي أنه لما عاتبهم أمسكوا عنها حتى نزلت :﴿فكلوا مما غنمتم﴾، ووصفة بالطيب ؛ تسكيناً لقلوبهم، وزيادة في حليتها. وفي الحديث عنه ﷺ :" أُعْطِيتُ خَمْساً لِيَ لَمْ يُعْطَهُنَّ أّحّدٌ من الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي : أُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ مسِيرَةَ شَهْرٍ وجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وطهُوراً وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وخُصصتُ بِجَوَامعِ الكلمِ " أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
ثم قال تعالى :﴿واتقوا الله﴾ في مخالفته ؛ ﴿إن الله غفور رحيم﴾ أي : يغفر لكم ما فرط، ويرحمكم بإباحة ما حرم على غيركم ؛ توسعةً عليكم. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥
الإشارة : ما ينبغي للفقير المتوجه أن يكون له أتباع يتصرف فيهم ويستفيد منهم، عوضاً عن الدنيا، حتى يبالغ في قتل نفسه وتموت، ويأمن عليها الرجوع إلى وطنها من
٤٦
حب الرئاسة والجاة، أو جمع المال، والتمتع بالحظوظ، فإن تعاطي ذلك قبل موت نفسه كان ذلك سبب طرده، وتعجيل العقوبة له، حتى إذا تداركه الله بلطفه، وسبقت له عناية من ربه، فيقال له حينئذٍ : لولا كتاب من الله سبق لمسك فيما أخذت عذاب عظيم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٥
قلت :(أسْرى) : جمع أسير، ويجمع على أسارى. وقرئ بهما، و (خيراً مما) : اسم تفضيل، وأصله : أًخْيَر، فاستغنى عنه بخير، وكذلك شر ؛ أصله : أشر، قال في الكافية :
وغالباً أغناهم خير وشر
عن قولهم : أخيرُ منه وأشر


الصفحة التالية
Icon