يقول الحق جل جلاله :﴿يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى﴾ الذين أخذتم منهم الفداء :﴿إنْ يعلم اللَّهُ في قلوبكم خيراُ﴾ من الفداء.
رُوي أنها نزلت في العباس رضي الله عنه ؛ كلَّفه رسول الله ﷺ أن يفدي نفسه، وابني أخويه : عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، فقال : يا محمد، تركتني أتكففُ قريشاً ما بقيت، فقال له عليه الصلاة والسلام : وأين الذهب الذي دفعتَهُ لأُمِّ الفضلِ وقتَ خُرُوجك، وقلت لها : لا أدْري ما يصيبني في وَجْهي هذا، فإن حَدَثَ بي حدثٌ فهو لك، ولعبدِ الله، وعُبيد الله، والفضل، وقُثَم، قال له وما يُدْريكَ ؟ قال : أخبرني به ربي تعالى، قال : فأشهدُ أنكَ صادِقٌ، وأن لا اله إلا الله، وأنك رسول الله، واللَّهِ لم يطلعْ عليه أحدٌ إلا الله، ولقد دفعته إليها في سَوَادِ اللِّيْلِ.
قال العباس : فأبْدَلَني الله خيراً من ذلك، أعطاني رسول الله ﷺ من المال الذي قدم من البحرين ما لم أقدر على حمله، ولي الآن عشرون عبداً، إن أدناهم يضرب ـ أي : يتجرـ في عشرين ألفاً، وأعطاني زمزم، ما أحب أَنَّ لي بها جميعَ أموالِ أهل مكَّة، وأنا أنتظرُ المغفره مِنْ ربكم، يعني : الموعود بقوله تعالى :﴿وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.
﴿وإنْ يُريدوا﴾ ؛ الأسارى ﴿خيانتك﴾ ؛ بنقض ما عهدوك به، ﴿فقد خانوا الله من قبلُ﴾ ؛ بالكفر والمعاصي ﴿فأمْكَنَ منهم﴾ وأمكنك من ناصيتهم، فقُبِضوا وأُسروا ببدر،
٤٧
﴿والله عليمٌ﴾ لا يخفى عليه شيء، ﴿حكيمٌ﴾ فيما دبر وأمضى.


الصفحة التالية
Icon