الإشارة : يقال للفقراء المتوجهين إلى الله، الذين بذلوا أموالهم ومهَجَهم، وقتلوا نفوسهم في طلب محبوبهم : إن يعلم الله في قلوبكم خيراً، كصدق وإخلاص، يؤتكم أفضل مما أخذ منكم، من ذبح النفوس وحط الرؤوس ودفع الفلوس. وهو الغناء الأكبر، والسر الأشهر، الذي هو الفناء في الله، والغيببة عما سواه، وثمرته : المشاهدة التي تصحبها المكالمة، وهذا هو الإكسير والغنا الكبير، فكل من باع نفسه في طلب هذا فقد ربحت صفقته، وزكت تجارته، مع غفران الذنوب، وتغطية المساوئ والعيوب. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٤٧
يقول الحق جل جلاله :﴿إن الذين آمنوا وهاجروا﴾ أوطانهم في الخروج مع رسول الله ﷺ، لنصرة الدين بالجهاد، ﴿وجاهدوا بأموالهم﴾ فصرفوها في الإعداد للجهاد، كالكراع والسلاح، وأنفقوها على المجاريح، ﴿وأنفسهم في سبيل الله﴾ ؛ بمباشرة القتال، ﴿والذين آوَوْا﴾ رسول الله ومن هاجر معه، وواسوهم بأموالهم ﴿ونصرُوا﴾ دين الله ورسوله، ﴿أولئك بعضُهم أولياءُ بعض﴾ في التعاون والتناصر، أو في الميراث.
وكان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة والنصرة دون الأقارب، حتى نسخ بقوله :﴿وَأُولُوا الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبعضٍ﴾ [الأحزاب : ٦].
ثم ذكر من لم يهاجر فقال :﴿والذين آمنوا ولم يُهاجِروا ما لكم من ولايتهم من شيء﴾ ؛ لا في النصرة، ولا في الميراث، ﴿حتى يُهاجِروا﴾ إليكم، ﴿وإنِ استنصروكم﴾ على المشركين ﴿في﴾ إظهار ﴿الدين فعليكم النصرُ﴾ أي : فواجب عليكم نصرهم وإعانتهم، لئلا يستولي الكفر على الإيمان، ﴿إلا على قوم﴾ كان ﴿بينكم وبينهم﴾ عهد ﴿ميثاق﴾، فلا تنقضوا عهدهم بنصرهم. فإن الخيانة ليست من شأن أهل الإيمان، ﴿والله بما تعملون بصيرٌ﴾ لا يخفى عليه من أوفى ومن نقص.
﴿والذين كفروا بعضُهم أولياءُ بعضِ﴾ في الميراث. ويدل بمفهومه، على منع
٤٨


الصفحة التالية
Icon