وهذه الأربعة الأشهر : شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، لأنها نزلت في شوال، وقيل : هي عشرون من ذي الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع الأول، وعشر من الآخر، لأن التبليغ كان يوم النحر ؛ لما روي (أنها لَمّا نزلت أرسل رسولُ الله ﷺ علياً رضي الله عنه راكبِاً العَضْبَاءَ ليَقْرأَهَا عَلى أهل المَوْسِم، وكان قد بعث أبا بكرٍ رضي الله عنه أميراً على الموسم، فقيل : لو بَعَثْتَ بها إِلى أَبَي بكرٍ ؟ فقال :" لا يُؤَدِّي عَنَّي إلا رَجُلٌ مِنِّي " فَلَمَّا دَنَا عَليٌّ رضي الله عنه، سَمِعَ أَبُو بَكرٍ الرُّغاءَ، فوقف وَقَال : هذا رُغاء ناقَةِ رَسُولِ اللَّه ﷺ، فوقف، فلمَّا لَحِقَهُ قال : أَمير أو مَأمُورٌ ؟ قال : مَأمُورٌ، فلما كان قبل الترْويَة خَطَبَ أبو بكر رضي الله عنه، وحَدَّثَهُمْ عَنْ مَنَاسِكَهِم، وقَامَ عليٌّ ـ كرم الله وجهه ـ يومَ النَّحر، عند جَمْرَةِ العَقَبَةِ، فقال : يا أَيُّها النّاس، إني رَسُولُ رَسولِ اللَّهِ إليكم، فقالوا : بماذا ؟ فَقَرأَ عليهمْ ثلاثين أوْ أرْبعين آيةً من أول السورة، ثم قال : أمرْتُ بأربَعٍ : أَلا يَقْرب البَيْتَ بعد هذا مُشركٌ، ولا يَطُوف بالبيت عُريَانٌ، ولا يَدخُلُ الجَنَّةَ إلا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٍ، وأن يَتِمَّ كُلّ ذِي عَهْدٍ عَهْدُهُ).
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥١
ولعل قوله ﷺ :" ولا يؤدي عني إلا رجل مني " خاص بنقض العهود، لأنه قد بعث كثيراً من الصحابة ليؤدوا عنه، وكانت عادة العرب ألاّ يتولى العهد ونقضه على القبيلة إلا رجل منها. قاله البيضاوي مختصراً.
ثم قال تعالى لأهل الشرك :﴿واعلموا أنكم غير مُعجزي الله﴾ أي : لا تفوتونه، وإن
٥٢
أمهلكم، ﴿وأن الله مُخزي الكافرين﴾ في القتل والأسر في الدنيا، والعذاب المهين في الآخرة.


الصفحة التالية
Icon