ثم وعدهم بالنصر فقال :﴿قاتلوهم يُعذِّبْهُم الله بأيديكم ويُخْزِهِمْ﴾ ؛ يُهنهم بالقتل والأسر، ﴿وينصركُمْ عليهم﴾، فيمكنكم من رقابهم، ويملككم أموالهم ونساءهم، ﴿وَيشْفِ صدورَ قومٍ مؤمنين﴾، يعني : بني خزاعة شفوا صدورهم من بني بكر ؛ لأنهم كانوا أغاروا عليهم وقتلوا فيهم. وقيل : بطوناً من اليمن قدموا مكة وأسلموا، فلقوا من أهلها أذى شديداً، فشكوا إلى رسول الله ﷺ، فقال :" أبشروا، فإن الفرج قريب ". ﴿ويُذْهِبْ غيظَ قلوبهم﴾ ؛ بما لقوا منهم حين أغاروا عليهم، وقد أوفى الله بما وعدهم ؛ بفتح مكة وهوازن.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٨
والآية من المعجزات. قاله البيضاوي. وهذا يقتضي أن هذا التخصيص كان قبل الفتح، فيلتئم مع ما بعده، ويبعد اتسامه مع ما قبله من البراءة، ونبذ العهد والإعلام بذلك ؛ لكونه بعد الفتح، والله أعلم. قاله المحشي. ويمكن الجواب بأن يكون صدر السورة بعد الفتح، وبعضها ؛ من قوله :(وإن أحد من المشركين... ) إلخ نزل قبل الفتح، فإن الآيات كانت تنزل متفرقة فيقول ﷺ :" اجعلوا هذه الآية في محل كذا ". والله تعالى أعلم.
ثم أخبر تعالى بأن بعض المشركين يتوب من كفره بقوله :﴿ويتوبُ اللَّهُ على من يشاءُ﴾ هدايته، فيهديه للإيمان، ثم يتوب عليه، وقد كان ذلك في كثير منهم. ﴿والله عليمٌ﴾ بما كان يكون، ﴿حكيم﴾ لا يفعل ولا يحكم إلا على وفق حكمته.


الصفحة التالية
Icon