الإشارة : من رجع عن طريق القوم، ونقض عهد الأشياخ، ثم طعن في طريقهم، لا يرجى فلاحه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، أعني في طريق الخصوص ؛ لأنه جمع بين نقض العهد والطعن على الأولياء، وقد قال تعالى :" من آذى لي ولياً فقد آذنني بالحرب " ومن رجع عنها ؛ لضعف ووهن، مع بقاء الاعتقاد والتسليم، فربما تقع الشفاعة منهم فيلحق بهم، بخلاف الأول، فقد تقدم عن القشيري، في سورة آل عمران، أنهم يريدون الشفاعة فيه، فيخلق الله صورة على مثله، فإذا رأوها تركوا الشفاعة فيه، فيبقى مع عوام أهل اليمين. فانظره. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥٨
قلت :" أم " : منقطعة، بمعنى الهمزة ؛ للإنكار والتوبيخ على الحسبان، والخطاب
٥٩
للمؤمنين أو المنافقين، والوليجة : البطانة والصحبة.
يقول الحق جل جلاله :﴿أم حسبتم﴾ أي : أظننتم ﴿أن تُتْركُوا﴾ من غير اختبار، ﴿ولمَّا يعلمِ الله الذين جاهدُوا منكم﴾ أي : ولم يتبين الخلَّص منكم، وهم الذين جاهدوا، من غيرهم، والمراد : علمَ ظهور، أي : أظننتم أن تتركوا ولم يظهر منكم المجاهد من غيره، قال البيضاوي : نفى العلم، وأراد نفي المعلوم ؛ للمبالغة، فإنه كالبرهان عليه من حيث إن تعلق العلم به مستلزم لوقوعه. هـ. بل يختبركم حتى يظهر الذين جاهدوا منكم.
﴿ولم يتخِذوا من دون الله ولا رسولِه ولا المؤمنين وَليجَةً﴾ ؛ بطانة، أي : جاهدوا وأفردوا محبتهم لله ولرسوله وللمؤمنين، ولم يتخذوا من دونهم بطانة، أي أصحاب سرٍ يوالونهم ويبثون إليهم أسرارهم، بل اكتفوا بمحبة الله ومودة رسول الله والمؤمنين، دون موالاة من عاداهم، والتعبير بـ (لما) : يقتضي أن ظهورَ ذلك متوقع، ﴿واللَّهُ خبيرٌ بما تعملون﴾ : تهديد لمن يفعل ذلك.


الصفحة التالية
Icon