﴿قل إِن كان آباؤكُم وأبناؤكُم وإِخوانُكم وعشيرتُكم﴾ أي : أصحابكم، أو أقرباؤكم، ﴿وأموال اقترفتُموها﴾ ؛ اكتسبتموها، ﴿وتجارة تخشوْنَ كسادَهَا﴾ أي : فوات وقت إنفاقها، ﴿ومساكنُ ترضونها﴾ ؛ لحسنها وسعتها، فإن كان ذلك ﴿أحبَّ إليكم من الله ورسولهِ﴾ أي : من الإيمان بالله وصحبة ورسوله، ﴿وجهادِ في سبيله﴾، فآثرتم ذلك، وتخلفتم عن الإيمان والهجرة، ﴿فتربصوا حتى يأتي اللَّهُ بأمره﴾ أي : بعقوبة عاجلة أو آجلة، أو بنصر وفتح على المؤمنين، كفتح مكة وغيرها، والمراد بالمحبة : الاختيارية دون الطبيعة ؛ فإنها لا تدخل تحت التكليف، والتحفظ عنها ؛ لأن حب الأوطان والعشائر طبيعي، والحب المكلف به اختياري، بحيث يجاهد نفسه في إبدال الطبيعي بالاختياري.
ثم هدد من وقف مع حب الأوطان بقوله :﴿والله لا يهدي القوم الفاسقين﴾ لا يرشدهم ولا يوفقهم. وفي الآية تهديد عظيم، وقلَّ من تحفظ عنه. قاله البيضاوي.
الإشارة : الهجرة من أوطان الغفلة واجبة، ومفارقة الأصحاب والعشائر ؛ الذين لا يوافقون العبد على النهوض إلى الله فريضة، فيجب على المريد أن يهاجر من البلد التي لا
٦٣