يجد فيها قلبه، ولا يجد فيها من يتعاون به على ربه، كائنة ما كانت، وما رأينا ولياً قط أنتج في بلده، إلا القليل، فلما هاجر ﷺ من وطنه إلى المدينة. وحينئذ نصر الدين، بقيت سنة في الأولياء، لا تجد ولياً يعمر سوقُه إلا في غير بلده، ويجب عليه أيضاً أن يعتزل من يشغله عن الآباء والأبناء والأزواج والعشائر، وكذلك الأموال والتجارات التي تشغل قلبه عن الله، بعد أن يقيم في أولاده حقوق الشريعة، فاللبيب هو الذي يجمع بين الحقيقة والشريعة، فلا يضيع من يعول، ولا يترك حق من يتعلق به من الزوجة أو غيرها، ويذكر الله مع ذلك، فيخالطهم بحسه، ويفارقهم بقلبه، فإن لم يستطع وأراد دواء قلبه فليخير الزوجة، ويُوكل من ينوب عنه في القيام بحقوق العيال، حتى يقوى قلبه ويتمكن مع ربه، ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَّهُ مَخرَجَاً وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لاَ يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَّكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسبُه﴾ [الطلاق : ٢ ـ ٣].
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٣
ولإبراهيم بن أدهم رضي الله عنه :
هَجَرْتُ الخَلْقَ طُرّاً في رِضاكَا
وأَيْتَمْتُ البَنينَ لِكَيْ أَرَاكَا
فَلَوْ قَطَّعْتَني إِرْباً فَإرْباً
لِمَا حنَّ الفُؤَادُ إِلَى سِوَاكَا
وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٣
قلت :﴿ويوم حنين﴾ : عطف على ﴿مواطن﴾، أو منصوب بفعل مضمر، وهذا أحسن ؛ لأن قوله :﴿إذ أعجبتكم كثرتكم﴾ خاص بيوم حنين. انظر : ابن جزي.