رُوي أن أناساً منهم جاؤوا إلى رسول الله ﷺ وأسْلَمُوا، وقالوا : يا رسولَ الله، أنْتَ خيرُ الناس وأبرهم، وقد سُبي أهلُونا وأولادُنا، وأُخِذَتْ أموالُنَا ـ وقد سُبي يومئذ ستة آلاف نفس، وأخذ من الإبل والغنم ما لا يحصى، فقال :" اختاروا، إما سَبْيكُمْ، وإما أمْوالَكُم ". فقالوا ما كُنَّا نَعدِلُ الأحسابِ شيئأً، فمنْ كان بيَدِهِ سبي فطابتْ نفسُهُ أنْ يرُدَّهُ فشأنُهُ، ومن لا، فليُعْطِنَا، وليكُنْ قَرْطاً علينا حتَّى نُصيب شيئاً فنُعطِيِه مثله "، فقالوا : رضينا وسَلَّمنا، فقال :" إنِّي لا أدري، لَعَلَّ فِيكُمْ مَنْ لا يَرضَى، فارجعوا حتى يرفع إِليَّ عُرفَاوكُمُ أمرَكم " فرفعوا إليه أمْرَهمْ، وقالوا : قد رضُوا، فردَّ السبي إليهم، وقسم الأموال في المؤلفة قلوبهم، ترغيباً في تسكين قلوبهم للإسلام. والغزوة مطولة في كتب السيرة، والله تعالى أعلم.
الإشارة : لقد نصركم الله، يا معشر المريدين، على جهاد نفوسكم وتيسير أموركم، في مواطن كثيرة، إذا رجعتم إلى ربكم، واعتزلتم من حولكم وقوتكم في جميع أموركم، فمن علامة النجاح في النهاية الرجوع إلى الله في البداية، ما تعذر مطلب أنت طالبه بربك، ولا تيسر مطلب أنت طالبه بنفسك، فمن رجع إلى نفسه، أو استند إلى عقله وحدسه، لم تغن عنه شيئاً، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، ورجع من حيث جاء، فإن انتبه، ورجع إلى ربه، أنزل سكينة عليه، وأيده باليقين، ورجا أن يدرك أمله من رب العالمين.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٤


الصفحة التالية
Icon