الإشارة : يؤمر المريد بقتل نفسه وحظوظه وهواه، وأعظمها : حب الدنيا والرئاسة والجاه، ولا يزال يخالف هواها، ويعكس مراداتها، ويحملها ما يثقل عليها، حتى تنقاد
٦٨
إليه بالكلية، بحيث لا يثقل عليه شيء، ويستوي عندها العز والذل، والفقر والغنى، والمدح والذم، والمنع والعطاء، والفقد والوجد، فإن استوت عندها الأحوال فقد أسلمت وأعطت ما يجب عليها، فيجب حفظها ورعايتها، وتصديقها فيما يرد عليها. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٨
قلت :(عزيز) : مبتدأ، و (ابن الله) : خبر، فمن نونه جعله مصروفاً ؛ لأنه عنده عربي، ومن حذف تنوينه : إما لمنعه من الصرف ؛ للعلمية والعجمية عنده، وإما لالتقاء الساكنين ؛ تشبيهاً للنون بحروف اللين، وهو ضعيف، والأول أحسن.
يقول الحق جل جلاله :﴿وقالت اليهودُ عُزَيرٌ ابنُ الله﴾، قال ابن عباس : هذه المقالة قالها أربعة منهم، وهم : سَلامُ بن مُشْكم، ونُعْمَانُ أو لُقْمَانُ بْنُ أَوفَى، وشَاسُ بنُ قَيس، وَمَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ. وقيل : لم يقلها إلا فنحاص، ونسب ذلك لجميعهم ؛ لسكوتهم عنه. قال البيضاوي : إنما قال ذلك بعضهم من متقدميهم، أو ممن كانوا بالمدينة، وإنما قالوا ذلك ؛ لأنه لم يبق فيهم بعد وقعة بختنصر من يحفظ التوراة، وهو ـ أي عزير ـ لما أحياه الله بعد مائة عام، أملى عليهم التوراة حفظاً، فتعجبوا من ذلك، وقالوا : ما هذا إلا أنه ابن الله، والدليل على أن هذا القول كان فيهم أن الآية قُرئت عليهم فلم يكذبوا مع تهالكهم على التكذيب. هـ.
﴿وقالت النصارى المسيحُ ابنُ الله﴾، هو أيضاً قول بعضهم، وإنما قالوه استحالة أن يكون الولد بلا أب، أو لما كان يفعل من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى، وتقدم الرد عليهم، وسبب إدخال هذه الشبهة عليهم، في سورة المائدة.
قال تعالى :﴿ذلك قولُهم بأفواههم﴾ من غير دليل ولا برهان، بل قالوا به
٦٩