قلت : ولذلك أكرمه الله تعالى بالرؤية، التي مُنِعَ منها نبيه موسى عليه السلام، حيث وقع منه الطلب " ربما دلهم الأدب على ترك الطلب "، وقال الورتجبي : أسرى به عن رؤية فعله وآياته، إلى رؤية صفاته، ومن رؤية صفاته إلى رؤية ذاته، وأشهده مَشاهد جماله، فرأى الحق بالحق، وصار هنالك موصوفًا بوصف الحق، فكان صورتُه روحَه، وروحُه عقلَه، وعقلُه قلبَه، وقلبُه سره، فرأى الحق بجميع وجوده ؛ لأن وجوده فانٍ بجميعه، فصار عينًا من عيون الحق، فرأى الحق بجميع العيون، وسمع خطابه بجميع الأسماع، وعرف الحق بجميع القلوب. هـ.
وقال، في قوله تعالى :﴿إِلى المسجد الأقصى﴾ : سبب بداية المعراج بالذهاب إلى المسجد الأقصى، لأن هناك الآية الكبرى ؛ من بركة أنوار تجليه لأرواح الأنبياء وأشباحهم، وهناك بقربه طور سيناء، وطور زيتا، والمصيصة، ومقام إبراهيم وموسى وعيسى، وفي تلك الجبال مواضع كشوف الحق، ولذلك قال :﴿باركنا حوله﴾، انظر تمامه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٧٣
قلت :﴿ذرية﴾ : منادى، أي : يا ذرية من حملنا مع نوح، والمراد : بني إسرائيل. وفي ندائهم بذلك : تلطف وتذكير بالنعم، وقيل : مفعول أول بتتخذوا، أي : لا تتخذوا ذرية من حملنا مع نوح من دوني وكيلاً، فتكون كقوله :﴿وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً﴾ [آل عِمرَان : ٨٠].