يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وآتينا موسى الكتابَ﴾ التوراة ﴿وجعلناه﴾ أي : التوراة ﴿هُدًى لبني إِسرائيل﴾، وقلنا :﴿ألاّ تتخذوا من دوني وكيلاً﴾ تُفوضون إليه أموركم، وتُطيعونه فيما يأمركم. بل فوضوا أموركم إلى الله، واقصدوا بطاعتكم وجه الله، يا ﴿ذريةَ مَنْ حملنا مع نوح﴾، فاذكروا نعمة الإنجاء من الغرق، وحملَ أسلافكم في سفينة نوح، ﴿إِنه كان عبدًا شكورًا﴾ ؛ يحمد الله ويشكره في جميع حالاته. وفيه إيماء بأن إنجاءه ومن معه كان ببركة شكره، وَحَثٌّ للذرية على الاقتداء به. والله تعالى أعلم.
الإشارة : المقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب هو، إفراد الوجهة إلى الحق، ورفعُ الهمة عن الخلق، حتى لا يبقى الركون إلا إليه، ولا الاعتماد إلا عليه، وهو
٧٦
مقتضى التوحيد. قال تعالى ﴿لاَ إِلَـاهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً﴾ [المُزمّل : ٩]. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٧٦
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وقضينا إلى بني إِسرائيل﴾ أي : أخبرناهم وأوحينا إليهم ﴿في الكتاب﴾ ؛ التوراة، وقلنا : والله ﴿لتُفسدنَّ في الأرض مرتين﴾ الخ. أو : قضينا عليهم ﴿في الكتاب﴾ ؛ اللوح المحفوظ، ﴿لتُفسدنَّ في الأرض مرتين﴾ الخ. أو : قضينا عليهم ﴿في الكتاب﴾ : اللوح المحفوظ، ﴿لتُفسدُنَّ في الأرض مرتين﴾ أي : إفسادتين، أُولاهُمَا : مخالفة أحكام التوراة وقتل أشعياء، وقيل : أرمياء. وثانيتهما : قتل زكريا ويحيى، وقَصْدُ قتل عيسى عليه السلام، ﴿ولتَعلُنَّ عُلوًّا كبيرًا﴾ ؛ ولتستكبرن عن طاعة الله، أو لتظلمن الناس وتستعلون عليهم علوًا كبيرًا.