قلت :﴿دعاءه﴾ : مفعول مطلق. والإضافة في قوله :﴿آية الليل﴾ و ﴿آية النهار﴾ : بيانية، أي : فمحونا الآية التي هي الليل، وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة. وإذا أريد بالآيتين السشمس والقمر ؛ تكون للتخصيص، أي : وجعلنا نيري الليل والنهار آيتين، أو : وجعلنا الليل والنهار ذوي آيتين... الخ، و ﴿كل شيء﴾ : منصوب بفعل مضمر، يفسره ما بعده، وكذا :﴿وكل إنسان﴾ و ﴿يلقاه منشورًا﴾ : صفتان لكتاب.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ويدعُ الإنسانُ﴾ على نفسه وولده وماله ﴿بالشرِّ﴾ عند الغضب والقنط. ﴿دعاءَهُ بالخير﴾ ؛ مثل دعائه بالخير. وهو ذم له يدل على عدم صبره، وربما وافق وقت الإجابة فيهلك، ﴿وكان الإِنسانُ عَجُولاً﴾ ؛ يُسارع إلى كل ما يخطر بباله، لا ينظر عاقبته. ويجوز أن يريد بالإنسان الكافر، وبالدعاء استعجاله بالعذاب ؛ استهزاء، كقول النضر بن الحارث : اللهم انصر خير الحزبين ؛ ﴿اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـاذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَآءِ﴾ [الأنفال : ٣٢] الآية. وقيل : المراد بالإنسان : آدم عليه السلام، فإنه لما انتهى الروح إلى سُرَّته ذهب ليقوم، فسقط، وهو بعيد. فإذا نزلت بالإنسان قهرية فلا يقنط ولا يستعجل، فإنَّ وقت الفرج محدود، فالليل والنهار مطيتان، يُقربان كل بعيد، ويبليان كل جديد، ويأتيان بكل موعود.
ولذا قال تعالى إثره :﴿وجعلنا الليلَ والنهارَ آيتين﴾ دالتين على كمال قدرتنا، وباهر حكمتنا، يتعاقبان على الإنسان، يُقربان له كل بعيد، ويأتيان له بكل موعود. ﴿فمحونا آيةَ الليل﴾ أي : فمحونا الآية التي هي الليل ؛ بأن جعلناها مظلمة، لتسكنوا فيه، ﴿وجعلنا آية النهار مُبصرةً﴾ أي : مضيئة مشرقة لتبتغوا ؛ من فضله، أو : وجعلنا نيري الليل والنهار آيتين، وهما : الشمس والقمر، ﴿فمحونا آية الليل﴾، وهو القمر ؛ بأن جعلناه أطلس، لا
٨٠