وما نرى أن ذلك يكون، فأمره على الاختلاف، يعني : عند من يُوجب الإيمان بمجرد العقل، ومن لا يُوجبه إلا بانضمام النقل. هـ.
وقال الزركشي، في آخر باب النيات، من شرحه على المنهاج : وقد أشار الشافعي إلى عسر تصور عدم بلوغ الدعوة، حيث قال : وما أظن أحدًا إلا بلغته الدعوة، إلا أن يكون قوم من وراء النهر. وقال الدميري : وقال الشافعي : ولم يبق أحد لم تبلغه الدعوة. انتهى ؛ على نقل شيخ شيوخنا سيدي عبد الرحمن الفاسي رضي الله عنه.
ثم قال تعالى :﴿وإِذا أردنا أن نُهلك قريةً﴾ أي : تعلقت إرادتنا بإهلاكها ؛ لإنفاذ قضائنا السابق، ودنا وقتُ إهلاكها، ﴿أمرنا مُتْرفيها﴾ ؛ منعميها، بمعنى رؤسائها ؛ بالطاعة على لسان رسول بعثناه إليهم، ويدل على ذلك ما قبله وما بعده، فإن الفسق هو الخروج عن الطاعة، لقوله :﴿ففسقُوا فيها﴾ ؛ خرجوا عن أمرنا. وقيل : أمرناهم : ألهمناهم الفسق وحملناهم عليه، أو : جعلنا لهم أسباب حملهم على الفسق ؛ بأن صببنا عليهم من النعم ما أبطرهم، وأفضى بهم إلى الفسوق، ﴿فحقَّ عليها القولُ﴾ ؛ وجب عليها كلمة العذاب السابق بحلوله، أو بظهور معاصيهم. ﴿فدمرناها تدميرًا﴾ ؛ أهلكناها بإهلاك أهلها وتخريبها. ﴿وكم أهلكنا﴾ أي : كثيرًا أهلكنا ﴿من القُرون﴾ أي : الأمم ﴿من بعد نوح﴾ ؛ كعاد وثمود وأصحاب الأيكة، ﴿وكفى بربك بذنوب عباده خبيرًا بصيرًا﴾ ؛ عالمًا ببواطنها وظواهرها، فيعاقب عليها أو يعفو. وبالله التوفيق.