﴿ولا تقتلوا النفسَ التي حرَّم اللهُ إِلا بالحق﴾ ؛ إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان، وزنى بعد إحصان، وقتل مؤمن معصوم ؛ عمدًا، كما في الحديث. ويلحق بها أشياء في معناها : كالحِرَابَةِ، وترك الصلاة، ومنع الزكاة. ﴿ومن قُتل مظلومًا﴾ أي : غير مستوجب للقتل ﴿فقد جعلنا لوَليِّه﴾ أي : الذي يلي أمره بعد وفاته، وهو الوارث، ﴿سُلطانًا﴾ ؛ تسلطًا بالمؤاخذة بمقتضى القتل بأخذ الدية، أو القصاص، وقوله :﴿مظلومًا﴾ : يدل على أن القتل عمد ؛ لأن الخطأ لا يُسمى ظلمًا. أو : جعلنا له حجة غالبة، ﴿فلا يُسرفْ في القتل﴾ ؛ بأن يقتل من لا يحق قتله، أو بالمثلة، أو قتل غير القاتل، ﴿إِنه﴾ أي : الولي ﴿كان منصورًا﴾ ؛ حيث وجب القصاص له، وأمر الولاة بمعونته. أو : إنه، أي : المقتول، كان منصورًا في الدنيا ؛ بثبوت القصاص ممن قتله، وفي الآخرة بالثواب.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٩٠
ولا تقربُوا مالَ اليتيم﴾
فضلاً عن أن تتصرفوا فيه ﴿إِلا بالتي هي أحسنُ﴾ ؛ إلا بالطريقة التي هي أحسن، كالحفظ والتنمية، ﴿حتى يبلغ أشُدَّه﴾ ؛ حتى يتم رشده، ثم يدفع له، فإن دفعه لمن يتصرف فيه بالمصلحة فلا بأس، ﴿وأوفُوا بالعهد﴾ إذا عاهدتم الله أو الناس، ﴿إِن العهد كان مسؤولاً﴾ أي : مطلوبًا الوفاء به، فيطلب من المعاهد ألا يُضيعه، أو : مسؤولاً عنه، فيُسأل عنه الناكث ويُعاتب عليه، أو : يُسأل العهد نفسُه لِمَ نكثْتَ، تبكيتًا للناكث، ﴿وأوفوا الكيل إِذا كِلْتُم﴾ ولا تبخسوا فيه، ﴿وزِنُوا بالقسطاس المستقيم﴾ ؛ بالميزان السّوي. والقسطاس : لغة رومية، ولا يقدح ذلك في عربية القرآن ؛ لأن غير العربي، إذا استعملته العرب، فأجرته مجرى كلامهم في الإعراب والتعريف
٩١
والتنكير، صار عربيًا. قاله البيضاوي. ﴿ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً﴾ أي : أحسن عاقبة ومآلاً. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon