يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قلْ﴾ يا محمد :﴿لو كان معه﴾ في الوجود ﴿آلهةٌ﴾ تستحق أن تُعبد، ﴿كما تقولون﴾ أيها المشركون، أو كما يقول المشركون أيها الرسول، ﴿إِذًا لابتَغَوا﴾ ؛ لطلبوا ﴿إلى ذي العرش سبيلاً﴾ ؛ طريقًا يقاتلونه. وهذا جواب عن مقالتهم الشنعاء. والمعنى : لطلبوا إلى من هو ملك الملك طريقًا بالمعاداة، كما تفعل الملوك بعضهم مع بعض. وهذا كقوله :﴿إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـاهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىا بَعْضٍ﴾ [المؤمنون : ٩١]. وقيل : لابتغوا إليه سبيلاً بالتقرب إليه والطاعة ؛ لعلمهم بقدرته، وتحققهم بعجزهم، كقوله :﴿أُولَـائِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىا رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ [الإسرَاء : ٥٧]. ثم نزّه نفسه عن ذلك فقال :﴿سبحانه﴾ ؛ تنزيهًا له ﴿وتعالى﴾ ؛ ترافع ﴿عمّا يقولون﴾ من الشركاء، ﴿عُلوًا﴾ ؛ تعاليًا ﴿كبيرًا﴾ لا غاية وراءه. كيف لا ؛ وهو تعالى في أقصى غاية الوجود! وهو الوجوب الذاتي، وما يقولونه ؛ من أنَّ له تعالى شركاء وأولادًا، في أبعد مراتب العدم، أعني : الامتناع ؛ لأنه من خواص المحدثات الفانية.
﴿يسبح له السماواتُ السبعُ﴾ أي : تنزهه، ﴿والأرضُ ومَن فيهن﴾ كلها تدل على تنزيهه عن الشريك والولد، ﴿وإِنْ من شيء إِلا يُسبح بحمده﴾ ؛ ينزهه عما هو من لوازم الإمكان، وتوابع الحدوث، بلسان الحال، حيث تدل بإمكانها وحدوثها على الصانع القديم، الواجب لذاته. قاله البيضاوي. وظاهره : أن تسبيح الأشياء حَالِيُّ لا مقالي، والراجح أنه مقالي. ثم مع كونه مقالياً لا يختص بقول مخصوص، كما قال الجلال السيوطي، أي : تقول : سبحان الله وبحمده. بل كل أحد يُسبح بما يناسب حاله. وإلى
٩٥


الصفحة التالية
Icon