يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿قلْ﴾ يا محمد لمن أنكر البعث :﴿كُونوا حجارة أو حديدًا أو خلقًا﴾ آخر ﴿ممَا يكْبُرُ﴾ أي : يعظم ﴿في صدوركم﴾ عن قبول الحياة، فإنكم مبعوثون ومُعادون لا محالة، أي : لو كنتم حجارة أو حديدًا، أو شيئًا أكبر عندكم من ذلك، وأبعد من الحياة، لقدرنا على بعثكم ؛ إذ القدرة صالحة لكل ممكن. ومعنى الأمر هنا : التقدير، وليس للتعجيز، كما قال بعضهم. انظر ابن جزي، ﴿فسيقولون مَن يُعيدنا﴾ إلى الحياة مرة أخرى، مع ما بيننا وبين الإعادة، من مثل هذه المباعدة ؟ ﴿قل الذي فطركم أول مرةٍ﴾ ولم تكونوا شيئًا ؛ لأن القادر على البدء قادر على الإعادة، بل هي أهون، ﴿فسيُنْغِضُون﴾ ؛ يُحركون ﴿إِليك رؤوسَهم﴾ ؛ تعجبًا واستهزاءً، ﴿ويقولون﴾ ؛ استهزاء :﴿متى هو﴾ أي : البعث، ﴿قل عسى أن يكون قريبًا﴾، فإنَّ كل ما هو آتٍ قريب.
٩٩
واذكروا ﴿يومَ يدعوكم﴾ ؛ يناديكم من القبور على لسان إسرافيل، ﴿فتستجيبونَ﴾ أي : فتبعثون من القبور ﴿بحمده﴾ ؛ بأمره، أو ملتبسين بحمده، حامدين له على كمال قدرته، عند مشاهدة آثارها، ومعاينة أحكامها، كما قيل : إنم يقومون ينفضون التراب عن رؤوسهم، ويقولون : سبحانك اللهم وبحمدك، ﴿وتظنون إِن لبثتم﴾ ؛ ما لبثتم في الدنيا ﴿إِلا قليلاً﴾ ؛ لما ترون من الهول، أو تستقصرون مدة لبثكم في القبور، كالذي مرَّ على قرية. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon