قال} تعالى :﴿اذهبْ﴾ ؛ امض لما قصدته، وهو طرد وتخلية لما بينه وبين ما سولت له نفسه. ﴿فمن تبعك منهم فإِنَّ جهنم جزاؤكم﴾ ؛ التفت إلى الخطاب، وكان الأصل أن يقال : جزاؤهم، بضمير الغيبة ؛ ليرجع إلى ﴿من تبعك﴾، لكنه غلب المخاطب ؛ ليدخل إبليس معهم، فتُجازون على ما فعلتم ﴿جزاء موفورًا﴾ ؛ وافرًا مكملاً، لا نقص فيه. ﴿واستفزز﴾ ؛ استخفف، أو اخدع ﴿مَن استطعتَ منهم﴾ أن تستفز ﴿بصوتك﴾ ؛ بدعائك إلى الفساد، ﴿وأَجْلِبْ عليهم﴾ أي : صِحْ عليهم، من الجلبة، وهي : الصياح، ﴿بخَيْلكَ ورَجِلكَ﴾ ؛ أي : بأعوانك ؛ من راكب وراجل، قيل : هو مجاز، أي : افعل بهم جهدك. وقيل : إن له من الشياطين خيلاً ورجالاً. وقيل : المراد : بيان الراكبين في طلب المعاصي، والماشين إليها بأرجلهم. ﴿وشارِكْهمْ في الأموال﴾ ؛
١٠٦
بحملهم على كسبها وجمعها من الحرام، والتصرف فيها على ما لا ينبغي، كإنفاقها في المعاصي، ﴿والأولادِ﴾ ؛ بالحث على التوصل إلى الولد بالسبب الحرام، كالزنى وشبهه من فساد الأنكحة، وكتسمية الولد عبد شمس وعبد الحارث وعبد العُزّى. وقال في الإحياء : قال يونس بن زيد : بلغنا أنه يُولد مع أبناء الإنس من أبناء الجن، ثم ينشأون معهم. قال ابن عطية : وما أدخله النّقَّاشُ ؛ من وطء الجن، وأنه يحبل المرأة من الإنس، فضعيف كله. هـ. قال في الحاشية : وضَعْفُهُ ظاهر، والآية مشيرة لرده ؛ لأنها إنما أثبتت المشاركة في الولد، لا في الإيلاء، فإنه لم يرد، ولو قيل به لكان ذريعة لفساد كبير، ولكان شبهة يُدْرَأُ بها الحد، ولا قائل بذلك. وانظر الثعالبي الجزائري ؛ فقد ذكر حكاية في المشاركة في الوطء عمن اتفق له ذلك، فالله أعلم. وأما عكس ذلك ؛ إيلاء الإنسي الجنية، فأمر لا يحيله العقل، وقد جاء الخبر به في أمر بلقيس. قاله المحشي الفاسي.