﴿وعِدْهُمْ﴾ بأن لا بعث ولا حساب، أو المواعد الباطلة ؛ كشافعة الآلهة. والاتّكال على كرامة الآباء، وتأخير التوبة، وطول الأمل، ﴿وما يعدُهم الشيطانُ إِلا غرورًا﴾ وباطلاً. والغرور : تزيين الخطأ بما يُوهم أنه صواب. قاله البيضاوي.
الإشارة : ينبغي لك أيها الإنسان أن تكون مضادًا للشيطان، فإذا امتنع من الخضوع لآدم فاخضع أنت لأولاد آدم ؛ بالتواضع واللين، وإذا كان هو مجتهدًا في إغواء بني آدم بما يقدر عليه، فاجتهد أنت في نصحهم وإرشادهم، وتعليمهم ووعظهم وتذكيرهم، بقدر ما يمكنك، واستعمل السير إليهم بخيلك ورجلك، حتى تنقذهم من غروره وكيده. وإذا كان هو يدلهم على الشرك الجلي والخفي، في أموالهم وأولادهم، فدُلَّهم أنت على التوحيد، والإخلاص، في اعتقادهم وأعمالهم وأموالهم. وإذا كان يعدهم بالمواعد الكاذبة، فعدهم أنت بالمواعد الصادقة ؛ كحسن الظن بالله، إن صحبه العمل بما يرضيه. فإن فعلت هذا كنت من عباد الله الذين ليس له عليهم سلطان.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٠٥
١٠٧
قلت :﴿أفأمنتم﴾ : الهمزة للتوبيخ، والفاء للعطف على محذوف، أي : أنجوتم من البحر فأمنتم.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿إِنَّ عبادي﴾ المخلصين، الذين يتوكلون عليَّ في جميع أمورهم، ﴿ليس لك عليهم سلطانٌ﴾ أي : تسلط وقدرة على إغوائهم ؛ حيث التجأوا إليَّ، واتخذوني وكيلاً ؛ ﴿وكفى بربك وكيلاً﴾ ؛ حافظاً لمن توكل عليه، فيحفظهم منك ومن أتباعك.
ثم ذكر ما يحث على التعلق به، والتوكل عليه في جميع الأحوال الدينية والدنيوية، فقال :﴿ربكم الذي يُزجي﴾ ؛ يجري ﴿لكم الفلك﴾ ويسيرها ﴿في البحر لتبتغوا من فضله﴾ بالتجارة والربح، وجَلْبِ أنواع الأمتعة التي لا تكون عندكم، ﴿إِنه كان بكم رحيمًا﴾ في تسخيرها لكم ؛ حيث هيأ لكم ما تحتاجون إليه في سيرها، وسهل عليكم ما يعسر من أسباب معاشكم ومعادكم.


الصفحة التالية
Icon