﴿إِذًا﴾ أي : لو قاربت أن تركن إليهم أدنى ركون ﴿لأذقناك ضِعف﴾ عذاب ﴿الحياة﴾ ﴿وضِعْفَ﴾ عذاب ﴿الممات﴾، أي : مِثْلِيْ ما يُعَذِّبُ غيرك في الدنيا والآخرة ؛ لأن خطأ الخطير أخطر. وكأن أصل الكلام : عذابًا ضعفًا في الحياة، وعذابًا ضعفًا في الممات، أي : مضاعفًا، ثم حذف الموصوف، وأقيمت الصفة مقامه، ثم أضيفت إضافة موصوفها. وقيل : الضعف من أسماء العذاب. وقيل : المراد بضعف الحياة : عذاب الآخرة ؛ لأن حياته دائمة، وبضعف الممات : عذاب القبر. ﴿ثم لا تجدُ لك علينا نصيرًا﴾ يدفع عنك العذاب.
﴿وإِن كادوا﴾ أي : كاد أهل مكة ﴿لَيَسْتفزُّونك﴾ ؛ ليزعجونك بعداوتهم ومكرهم ﴿من الأرض﴾ التي أنت فيها. وهي : أرض مكة، ﴿ليُخرِجوك منها وإِذًا لا يلبثون خِلافَكَ إِلاَّ قليلاً﴾ ؛ إلا زمنًا قليلاً. وقد كان كذلك، فإنهم أُهلكوا ببدر بعد هجرته ﷺ، وقيل : نزلت في اليهود ؛ فإنهم حَسَدوا مقام النبي ﷺ بالمدينة، فقالوا : الشام مقام الأنبياء، فإن كنت نبيًا فالحَقْ بها حتى نؤمن بك. فوقع ذلك في قلبه ﷺ بالمدينة، فقالوا : الشام مقام الأنبياء، فإن كنت نبيًا فالحَقْ بها حتى نؤمن بك. فوقع ذلك في قلبه ﷺ، فخرج من مرحلة، فَنَزَلت، فرَجَعَ ﷺ، ثم قتل منهم بني قريظة، وأجلى بني النضير بقليل، ﴿سُنَّة مَن قد أرسلنا قَبلك من رُسلنا﴾ أي : عادته تعالى : أن يُهلك من أُخْرِجَتْ رسلهم من بين أظهرهم، فقد سنَّ ذلك في خلقه، وأضافها إلى الرسل ؛ لأنها سُنت لأجلهم. ﴿ولا تجد لسُنَّتنا تحويلاً﴾ أي : تغييرًا وتبديلاً.
١١٤


الصفحة التالية
Icon