واجعل لي من لدنك} أي : من مستبْطَن أمورك، ﴿سُلطانًا نصيرًا﴾ أي حجة ظاهرة، تنصرني على من يخالفني ويعاديني، أو : عزًا ناصرًا للإسلام، مظهرًا له على الكفر. فأجيبتْ دعوته - عليه الصلاة والسلام - بقوله :﴿فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [المائدة : ٥٦]، ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [التّوبَة : ٣٣]، ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ...﴾ [النُّور : ٥٥] الآية، وبقوله :﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ﴾ [الصَّافات : ١٧١، ١٧٢] الآية. وذلك حين يظهر الحق، ويزهق الباطل، كما قال :﴿وقل جاء الحق﴾ أي : الإسلام أو الوحي، ﴿وزهق الباطلُ﴾ ؛ ذهب، وهلك الكفر والشرك، وتسويلات الشيطان ؛ ﴿إِنَّ الباطلَ﴾ كائنًا ما ﴿كان زهوقًا﴾ أي : شأنه أن يكون مضمحلاً غير ثابت. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْح، وحَوْلَ البَيْتِ ثَلاثُمِائةٍ وَسِتُّون صَنَمًا، فَجَعَل يَطْعَنُ بمخْصَرةٍ كانت بيَده في عين كُل واحد، ويقول :" جاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ الباطِلُ "، فَيَنْكَبُّ لِوَجْهِهِ، حَتَّى أَلْقَى جمِيعها، وَبَقِيَ صَنَمُ خُزَاعَة فوْقَ الكَعْبَةِ، وكَانَ من صُفْرٍ، فقال :" يا عَلِيُّ، ارْمِ بِهِ " ؛ فصعَدَ إليه، ورَمَى به، فَكَسَرَهُ. هـ.
١١٧